16 ربيع أول, 1446
بمناسبة السنة الميلادية ٢٠١٩م..
يعتقد ( للأسف الشديد) كثير من المسلمين أن التقويم الميلادي أدق من التقويم الهجري، بسبب انضباط الميلادي وعدم انضباط الهجري !
ولكن عند النظر يتبين أن العكس هو الصحيح،
فالتقويم الهجري أدق وأضبط من الميلادي؛ لأن الهجري يعتمد إما على علامات كونية، أو أدلة شرعية ، مما يدفعني للقول: إن التقويم الهجري أقرب إلى أن يكون توقيفي، بخلاف التقويم الميلادي الوضعي الذي هو نتاج تعديلات وتصويبات الرومان والنصارى عبر العصور، وبيان ذلك كما يلي :
فالتقويم الهجري يعتمد في حساب اليوم والليلة على برهان كوني هو الشمس، فاليوم يبدأ بغروب الشمس وينتهي بغروبها من اليوم التالي.
ويعتمد في حساب الشهر على دليل وبرهان كوني هو القمر، فيبدأ برؤية الهلال، وينتهي برؤيته.
ويعتمد في حساب السنة على دليل وبرهان شرعي وهو القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا..) الآية.
بينما الميلادي لا دليل عليه في حساب اليوم، إذ يبدأ اليوم عندهم بعد الساعة 12 ليلا، وينتهي الساعة 12 ليلاً.
ولا دليل عليه في حساب الأشهر إلا مجرد الاصطلاح، ولا على عدد الأيام لكل شهر، فلماذا بعضها 28 وبعضها 29 وبعضها 30 وبعضها 31 !؟ كل ذلك مجرد اصطلاح وتعديلات عبر العصور لتنضبط الأشهر بمقابل الفصول.
والتقويم الميلادي عتمد على حركة الشمس الظاهرية السنوية،وما ينتج عن ذلك من الفصول الأربعة، حيث أن كل دورة كاملة للشمس في منازلها تعني سنة ميلادية، وجرى عليه عدة تعديلات، من حيث عدد الأشهر، وعدد الأيام في كل شهر، وسيحتاج لتعديل كل 400عام تقريباً .
والسؤال هو: إذا كان التقويم الهجري أضبط فلماذا لم يتم العمل به في العالم؟
والجواب:
أن المسلمين ظلوا يعملون بهذا التقويم إلى القرن 12 هجرية ثم حدثت المؤامرة لطمسه .
المؤامرة لطمس التاريخ الهجري:
إن إزالة التاريخ الهجري وتجهيل الشعوب الإسلامية به؛ مؤامرة استمرت قرونًا متوالية ففي القرن “الثاني عشر الهجري – الثامن عشر الميلادي” لما أرادت الدولة العثمانية تجديد جيشها وسلاحها طلبت مساعدة الدول الأوروبية فرنسا وألمانيا، فوافقوا بشروط منها إلغاء التقويم الهجري.
وفي القرن “الثالث عشر الهجري – التاسع عشر الميلادي” عندما أراد خديوي مصر إسماعيل أن يقترض مبلغًا من الذهب من إنجلترا وفرنسا؛ لتغطية مصاريف حفر قناة السويس، اشترطتا عليه ستة شروط، منها: “إلغاء التقويم الهجري في مصر”؛ فتم إلغاؤه سنة 1292هـ/ 1875م، واستبدال التقويم القبطي والميلادي به.
ولكن السبب الرئيسي لإعراض العالم اليوم عن التقويم الهجري من وجهة نظري هو: التخلف الذي ترزح تحته أمة العرب، تخيل معي أن البعض إلى اليوم ينكر العمل بالحساب الفلكي ويجرم من يعمل به، وليس له إلا مجرد اجتهاد فقهي مهما أرعد وأزبد.
وكتبه/ د. صلاح الدين احمد عامر
24 من ربيع الثاني 1440هجرية
الموافق 1/ 1/ 2019 ميلادية.