8 جمادي أولI, 1446
“الزمن الجميل ١٣٩٠- ١٤٠٥هـ “
الزمن هو /الماضي والحاضر والمُستقبل
الذي احْتـَضـَنَ خطواتنا الأولى في الحياة
ونعود لنتذكر ذلك الزمن الجميل مطلع التسعينيات وماتلاها من سنوات
سبحان الله ( ومرتِ الســنــون)
سألني ابني عبد العزيز وهو يدرس الآن بالمرحلة الجامعية عبر حديث دار بيننا حول الحدث الذي نعيشه مع العالم الآن – كورونا- وكيف كان الحال
سابقاً ذكرتُ له بشي من الاختصار وقلت انه الزمن الجميل يابُني
فقال: لماذا تسمونه الزمن الجميل ؟ وهل كان جميلاً
فقلتُ له : ليس ذلك الإسم وارد او موجود ممن عاشوا تلك الحقبة من الزمن أنا وأقراني او ممن سبقونا بل كان هناك اراء موحدة ومتفقٌ عليها
من الجميع ، مع وجود بعض الإختلافات
لا الخلافات في بعض معطيات الحياة وهذه سُنة سألني ابني كيف سنة؟
فقلت له ليست سنة شرعية بل طريقة متعارف عليها وهُنا السنة ترد بمعنى الطريقة المتبعة وهناك اختلاف لا خلاف في وجهات النظر لدى البعض واستحق ذلك الزمن الجميل هذاالإسم
بعلاقاته البسيطة ومحبته السائدة لوجود مجتمع يتصفُ بالروح المتعاونة المتسامحة
والعيش المشترك ببساطة الأرواح زمن كانت الأخلاق غريزة في النفوس و العطفُ واللين من الكبير والإحترام والتقدير من الصغير والأدب مغروس في النفوس عن طريق التربية السليمة
و زمنُ لم يكن بيننا فقير أبداً لأن بداخلنا شي مغروس اسمه الأدب أدب طبيعة وسجية
لم يُباع لنا ولم نشتريه لأن الأدب لايُباع ولايُشترى بل طابع داخلي تركتهُ التربيـة الحسنة
والفقير ليس فقير المادة بل هو فقير الأدب والأخلاق والعلم المُكتسب
ليس الفقير الذي قدمات والدهُ
بل الفقير فقير العلم والأدبِ
١- زمنُ كانت فيه الدور ضيقةوالصدور واسعة
الجميع فيه متعاونون صادقون آمنون ومؤتمنون
والجارُ يسألُ عن جاره واذا وقع خطاء او اختلاف يُحل بالروح الودية بين الجميع ،ولا يعملون بلغة التعصب او الإكراه فيما بينهم ، علماً بأن الخلاف كان معدوماً بوجود الروية والحكمة لدى المجتمع ممثلاً بكبار السن الذين كانت لهم الكلمة حلاً وربطاً ،كان المجتمع وسطي لاغلو ولا إرهاب ولا تطرف ،ولا خيانة
والأمن بجميع أنواعه سائد علماً بأن أي مجتمع اوتجمع لابد فيه من أخطاء والكمال لله سبحانه وكانت حياتنا بسيطة وممتعة وقانعين بها
( كل شي بسيط ) وكنا قريبين من كل شي
حيثُ باستطاعتنا صنع وتقديم البساطة والبشاشة والفرح والسرور من ابسط الأشياء وبأقل تكلفة وبأكثر تواضع وكنا نستمتع بلحظة الفرح أيما استمتاع لأن الروح لدينا قادرة
على صنع وتقديم السعادة
والبساطة هي التي افتقدناها في عصرنا هذا
الآن كلفة وتكليف وإرهاق صحي ومالي لأي مناسبة
٢- الآن زمن اتسعت الدور وضاقت الصدور
زمن الجار لايسأل عن جاره و لا الأخ عن اخيه
وليس للعموم ياسادة ياكرام
وأشياء يَـئـنُ لها الضمير ويندى لها الجبين
زمنٌ قلَّ فيه العطف وانعدم الإحترام بل وكثُرَ الكلام ، المُقتدر لا يسأل عمن ضاقت به سبل الحياةوالصغيرُ لا يعرفُ أين مكانه بالمجلس
زمنٌ طغت فيه السلبيات على الإيجابيات المجتمعية رغم رغد العيش والأمن والأمان
وتوفر سبل ومعطيات الحياة الحديثة
الحياة التي نعيشها الآن بما فيها وعليها لم نكن نجدها في زمننا الجميل وكانت الحياة تجري بمجرها بكل يسر وبساطة لم نتطرق لسياسة
ولا سائس والسائس هو مربي الخيل كان الحديث الدائر بيننا مُجتمعياً فقط، لا وسائل اتصالات كماهو الآن إلا من جهاز رادو كان مع احد كبار السن في قريتنا صمخ وهوالشيخ الوقور المرحوم بإذن الله ( فلا ح بن سحمي ) كنا ونحن صغار نأنسُ لقربه رحمه الله ولجميع موتى المسلمين ، لأنه كان يتلو القرآن جيداً ذو شخصية مُجتمعية
وهو لم يقرأ ولم يكتب ولكن تعلم التلاوة من مدرسة الحياة ، وعلى ذمة الراوي بأن الاستاذ والمربي الفاضل الشيخ / عبدالله بن علي بن مفرج ممن كانوا يتلون القرآن بمجلسه
وكان بمثابة متحدث رسمي لأهل القرية يثقون فيه وبما يقوله لهم من اخبار عن.طريق السَّماع منه والإستماع منهم
وكان لديه اسلوب جميل في الطرح لإقناع المستمعين إليه ،كنا نعيش بقرية ( صـمـخ )التي احتوتنا جميعاً كأسرة واحدة من وُلِدَ كان معلوماً ومن مات كان مفقوداً من الجميع
فضلاً ارجعوا بالذاكرة قليلاً يامن عشتم تلك الفترة في كل قرية تذكروا و تأملوا بُرهةً من الوقت ، لكن الآن نحنُ في زمن كلُ من شاء قال :
ماشاء تنوع المتحدثون وقلَّ المستفيدون
وقد تجد مُتَحدثاً واحداً في اي مجلس او اجتماع يتحدثُ لك عن كل شاردة وواردة مُستعيناً بمساعد الرامي الفعل المضارع
( يقولون ) في الطب خذ طبيباً كلامياً
في السياسة خذ وزيراً بلاوزارة ،في الرياضة محلل بدون شارة تحكيم ،وفي الأمور الشرعية مفتي بلا دليل ،وفي الإقتصاد بورصة عالمية وعلى ذلك قس لذلك يابُني لازلتُ مُصراً على ذلك الإسم
الزمنُ الجميل وكن مع الله يكن كل شي معك
وختاماً كن جميلاً تر الوجود جميلا
اللهم جمَّل حياتنا وأحسن خاتمتنا..