15 ربيع أول, 1446

..*﷽* ‏✍🏻 *مفكرتي*
*تلك الأيام [ 5 ]**
■ الطائف بتاريخها الحافل وماضيها التليد وحاضرها المجيد وطبيعتها الخلابة وأثارها الناطقة نجحت في امتلاك مشاعر وعواطف كثير ممن زارها او مر بها أوأقام فيها. فلا غرو
فهي عروس وبهجة المصائف.
● الطائف المأمون، والطائف المأنوس.. هكذا كان يسميها المؤرخين والرحالة الذين زاروها، وتغنى بها الأدباء والشعراء الذين نزلوها..الطائف المأمون؛ من الأمن واليُمْن، والطائف المأنوس؛ من الأنس عكس التوحش. ومنذ سنين مديدة، وعقود عديدة. والطائف بستان مكة المكرمة وبوابتها الشرقية منذ آلاف السنين.. كيف لا وهي التي اقترن اسمها بمكة المكرمة في القرآن الكريم. قال تعالى: *[وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ]*.مكة والطائف.
● الطائف.. ذات ماء مسيل، وهواء عليل، وثمر جزيل، فهي كانت وما زالت بستان مكة اليانع بكل الخيرات على مدار العام .
وممن أشار إليها بالمديح:
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حيث قال:”أنعم الناس عيشاً من يقيظ بالطائف ويشتو بمكة”.
وذكر الرحالة عبدالله العياشي الذي زار الطائــف سنة 1073هـ، وقال: وصلنا بلدة الطائف وهي قصور في مستوى من الأرض تحيطها جنات من نخيل قليل وأعناب كثيرة وفواكه مما يشتهون وفي هذه البلدة أسواق حافلة يحضرها الناس من أطراف نجد، ويجلب إليها من الحبوب والثمار والزبيب والعسل ما قضينا العجب من كثرته، بحيث يخيل إلينا أننا لم نر مثل ذلك في الكثرة من الأسواق العظيمة. وقال أمير البيان شكيب أرسلان بعد أن أصابه الزكام وهو في سويسرا ثم قدم إلى الطائف : “…فما مضى عليَّ في الطائف إلا قليل حتى ذهب هذا الزكام بتمامه، وصار الهواء يجري في رئتي كأنه في صحراء، ولما رجعت إلى أوروبا قال لي الأطباء بعد المعاينة: أنه لم يبق هناك أثر لشيء يقال له زكام في شعب الرئة، ولم هذا بأول فضل الطائف عليَّ بل هواء الطائف الذي شفاني بإذن الله، بل الله هو الذي شفاني به…”. ويقول المقدسي في “أحسن التقاسيم”:”الطائف مدينة شامية الهواء، باردة الماء، كثيرة الفواكه، إذا تأذى اهل مكة بالحر خرجوا إليها حيث كانت مصيفا لهم “. وقال الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه “منزل الوحي”:”فلا عجب إن أدركك من جو الطائف شيء من البرد، ولكن لا تخف فهو مصح لا يضره جوه..” وروي ابن عمران إنهم يغبطون من يصيف بالطائف. وجاء في أخبار مكة للأزرقي :”أن الطائف مصيف أهل مكة”. ويقول المستشرق الفرنسي “سيديو”:أن ربوع الطائف الغني حيث المناخ المعتدل والمياه العذبة جعلته مصدرا من مصادر الثروة الاقتصادية، فقد كان المصيف الأول لأهل مكة.
ويذكر ياقوت والقلقشندي: أن ثمار الطائف تشبه ثمار الشام وكأنها بقعة من أرض الشام انتقلت إلى بلاد الحجاز، ويؤكد الرحالة (رتر) هذه الحقيقة فيقول : رأيت في بساتين الطائف ما لم أره في سائر أرجاء الجزيرة العربية، فقد شاهدت أشجار اللوز والخوخ تزدحم بالأزهار المتفتحة، وعجبت لجمال الربيع في هذه البقعة من الجزيرة العربية المجدبة حتى قلت لرفيقي: إن ما يزعمه أهل مكة عن الطائف بأنها كانت فردوسًا من أرض الشام .
ويذكر الرحالة (بركهارت) الطائف فيقول : إنها أكثر مكان رآه جمالًا وبهجة خلال رحلته من لبنان إلى الحجاز. ويقول الدكتور جواد علي في كتاب “العرب قبل الإسلام”:”لقد كانت مدينة الطائف، وما زالت، مصيفا طيبا يقصده أهل مكة فرارا من وهج الشمس “.
● وفي العهد الزاهر كان دور الطائف في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله مكانًا ومنتجعًا للاصطياف للأسرة المالكة وأبناء الوطن الغالي منذ عام 1343هـ، حينما اتخذ الملك عبد العزيز قرارًا بجعل الطائف مصيفًا رسميًا للدولة، وانتقال الديوان الملكي ومجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى وجميع الأجهزة المتصلة بالملك عبدالعزيز إلى مدينة الطائف لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر. وتوالى اهتمام ملوك هذه البلاد من بعده حتى وقتنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله .
● ونختم بأبيات للشاعر المتيم عروة بن حزام من بني عذرة.
بعد أن رأى حمامة على غصن شجرة خارج أسوار الطائف :
أحقا يا حمامة بطـن وج
بهذا النوح أنك تصدقينـا.
غلبتك بالبكاء بطـن وج
أواصله وانـك تهجعينـا.
واني أن بكيت بكيت حقا
وانك في بكائك تكذيبنـا.
فلست وان بكيت اشد شوقا
ولكنـي اسـر وتعلنينـا.
فنوحي ياحمامة بطن وج
فقد هيجت مشتاقا حزينـا.
*وصّلِ الله وسَلّمْ عَلۓِ نَبِيْنَا مُحَمد* ﷺ.
*يتبع>>>*