8 جمادي أولI, 1446
حقوق الزوج على زوجته في الإسلام
بقلم الأستاذ الدكتور حسن أبو غدة..
يراد بحقوق الزوج: الأمور الثابت له شرعاً، التي يجب على الزوجة الالتزام بها وأداؤها، وأبرزها ما يلي:
الحق الأول:
أن تطيعه في غير معصية، لأن ذلك دليل البر والوفاء، والحب والإكرام. وقد جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: اُدْخلي الجنة من أيِّ بابٍ شئتِ ).
وأغلب مجالات هذه الطاعة في الأمور المباحة، التي تتحقق من ورائها سعادة الأسرة واستقرارها، بعيداً عن النزاع والشقاق، أما لو أمر الزوج زوجته بمعصية، فلا ينبغي لها أن تستجيب.
هذا، ومما ذكره الفقهاء في طاعة الزوجة لزوجها: ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، ولا تحج تطوعاً إلا برضاه، ولا تتصدَّق من ماله إلا بموافقته.
والحكمة في جعل الشرعِ طاعةَ الزوجة لزوجها واجبة: عِظَمُ ما له من حقٍ عليها وعلى بقية أفراد الأسرة، وفي الحديث الذي أخرجه الحاكم وأحمد الترمذي وأبو داوود أنه قال: ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لعِظَم حقِّه عليها ).
على أن تمليك الشرع للزوج حق الطاعة، لا يمنع من إطْلاعه زوجته وأولاده الراشدين على قضايا الأسرة؛ لاستشارتهم وتبادل الآراء معهم، والوصول إلى قناعة مشتركة عند الجميع، تُلْزِمُهم بتحمُّل تبعاتها مستقبلاً، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار بعض نسائه وأخذ برأيهنَّ.
الحق الثاني الذي للزوج على زوجته:
أن تستقرَّ في بيتها فلا تخرج إلا بعلمه، لأن البيت ميدان وظيفتها الفطرية ونشاطها الطبيعي، وهذا يتطلب منها حضوراً وملازمة، تُتَابِع فيها شؤون الأبناء واحتياجاتهم، وترعى مصالح المنـزل وتدبِّر شئونه، فيكون واحة للأمن والسكينة والراحة، لجميع أفراد الأسرة زوجاً وأبناء. أخرج البيهقي والطيالسي وعبْدُ بن حُمَيْد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق الزوج على زوجته ألا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنها الله حتى تتوب أو ترجِع ).
وقد يتعجب بعض الناس من هذا الحق، غير ان العجب يزول إذا شبهنا هذا الخروج بخروج الشريك من مكتب الشركة أو الموظف الذي يترك عمله ويخرج من مكتبه دون إعلام شريكه أو المدير أو رئيسه الإداري…مما يسبب اضطراباً في العمل وقصوراً في أداء الالتزامات…
أما الحق الثالث الذي للزوج على زوجته فهو:
القِوامة، ومعناها: الإشراف العام على مسار الأسرة وتوجّهاتها واحتياجاتها، وضبط أمورها ضمن أحكام الشريعة، وهو ثابت في الآية/ 34 من سورة النساء في قوله تعالى: ) الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ).
هذا، ومن جملة حقوق الزوج على زوجته:
أن لا تُدْخِل البيتَ أحداً يكرهه الزوج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للرجال فيما أخرجه الترمذي: ( فحقكم عليهنَّ أن لا يُوطِئن فرشَكم مَن تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون ). سواء كان الداخل من النساء أو الرجال المحارم، حفاظاً على وحدة البيت واستقراره وسمعته، ولئلا يكون دخول هذا الإنسان سبباً للنزاع والتحريض وإفساد العلاقات الأسرية…
ومن حقوق الزوج أيضاً:
قيامُ الزوجة برعاية الأولاد وتدبير شئون المنزل، وتيسير أسباب الراحة البيتية لجميع أفراد الأسرة، أخرج البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بين علي وفاطمة رضي الله عنهما حين اختلفا في توزيع الأعمال، أنْ جعل على فاطمة خدمةَ البيت، وجعل على عليٍّ العملَ والكسْبَ خارج البيت.
ومن الحقوق التي للزوج:
أن تتجمّل وتتزيّن لزوجها، وتحسِّن هيئتها له، ولا تمنعه نفسها، أخرج أبو داوود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أخبرك بخير ما يكنِـز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها زوجها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ). كما أخرج أبو داوود أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق الزوج على زوجته ألا تمنعه نفسَها ).
ومن حقه عليها:
أن تحفظه في نفسها وماله وترعى أسراره ولا تشهِّر به، ولا تنتقص مقداره بين الناس، بما تفعله في نفسها وفي سمعته، وتعتدل في إنفاقها، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ).
هذا وللحديث صلة إن شاء الله..