15 جمادي أول, 1447
خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ ﴿الْخُطْبَةُ الأُوْلَى﴾
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ يَجُودُ عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ، وَيُتَابِعُ عَلَيْهِمْ فَضْلَهُ وَإِنْعَامَهُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا عَلَى إِدْرَاكِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَعَرَفَةَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، عَظَّمَ بَيْتَهُ وَشَرَّفَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالرَّحْمَةِ وَبِالرَّأْفَةِ؛ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إلَهَ إلّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحمدُ.
اللهُ أَكْبَرُ مَا أَحْرَمَ حَاجٌّ وَاعْتَمَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا لَبَّى مُلَبٍّ للهِ وَذَكَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا دَعَا اللهَ دَاعٍ وَشَكَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا طَافَ بِالبَيتِ الْعَتِيْقِ طَائِفٌ وَاسْتَلَمَ الحَجَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا سَعَى بَينَ الصَّفَا وَالـمَرْوَةِ سَاعٍ فَظَفَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا وَقَفَ الحَجِيْجُ بَعَرَفَاتٍ وَصَفَوْا مِنْ الآثَامِ وَالكَدَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا ازْدَلَفَتِ الجُمُوعُ إلى مُزدَلِفَةَ وَالتَقَطُوا الحَصَى وَذَكَرُوا اللهَ عِنْدَ الـمَشْعَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا رَمَوْا جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَاقْتَفَوا الأَثَرْ، اللهُ أَكْبَرُ مَا نَحَرَ الحُجَّاجُ وَحَلَقُوا وَتَحَلَّلُوا التَّحَلُّلَ الأَوَّلَ وَالأَكْبَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا ضَحَّى للهِ مُضَحٍّ وَنَحَر، اللهُ أَكْبَرُ مَا أَتَمَّ الحُجَّاجُ مَنَاسِكَهُمْ وَنَالُوا الَجزَاءَ الأَوْفَر، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا رَبَّكُمْ؛ فَتَقْوَى اللَّهِ هِيَ الْمُنْجِيَةُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾[آل عمران:102]. ثُمَّ اعْلَمُوا: أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْقِيَامُ بِعَرَفَةَ، فَلْيَقُمْ للهِ بِالْحَقِّ الَّذِي عَرَّفَهُ، وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَلْيُبَيِّتْ عَزْمَهُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ الَّذِي قَرَّبَهُ وَأَزْلَفَهُ، وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَحْرِ هَدْيِهِ بِمِنَى، فَلْيَذْبَحْ هَوَاهُ هُنَا، وَمَنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيدِ، فَلْيَقْصِدْ رَبَّ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى مَنْ رَجَاهُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ.
(اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ)
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ العِيْدَ مِن شَعَائِرِ الإسْلَامِ العَظيمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَهُ مَعانٍ وَمَقاصِدُ عَظِيمَةٌ، مِنْها: تَوْحِيدُ اللهِ تَعَالَى وَإِفْرَادُهُ بِالعِبَادَةِ فِي الدُّعَاءِ وَالخَوْفِ وَالرَّجَاءِ والاسْتِعَاذَةِ والاسْتِعَانَةِ، وَالتَّوَكُّلِ وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالذَّبْحِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ، وَهُوَ تَحْقِيْقُ مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلّا اللهُ)، وَمِنْ مَقَاصِدِهِ طَاعَةُ أَمْرِ النِّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ، وَتَصْدِيْقُ أَخْبَارِهِ، وَعِبَادَةُ اللهِ بِمَا شَرَعَ، مَعَ مَحَبَّتِهِ وَتَوْقِيْرِهِ، وَاتِّبَاعُ سُنَّتِهِ فِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالعِيْدِ مِن الصَّلاةِ وَالنَّحْرِ وَمُدَاوَمَةِ الذِّكْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ﴾ [النور:54].
أيُّها المؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ مَقَاصِدِ العِيْدِ وَمَنَافِعِهِ العُظْمَى، التَّوَاصُلَ بَيْنَ الـمُسْلِمِيْنَ، وَالتَّزَاوُرَ وَصِلَةَ الأَرْحَامِ، وَالتَّرَاحُمَ وَالتَّعَاوُنَ، وَالتَّعَاطُفَ والتَّسَامُحَ فِيْمَا بَيْنَهُمْ، وَتقَارُبَ القُلُوْبِ، وَارْتِفَاعَ الوَحْشَةِ، وَانْطِفَاءَ نَارِ الأَحْقَادِ وَالضَّغَائِنِ وَالحَسَدِ، فعَنْ عَبدِ اللهِ بِنِ عَمْرٍو قَالَ: قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟! قَالَ: “كُلُّ مَخْمُوْمِ القَلْبِ، صَدُوْقِ اللِّسَانِ”، قَالُوْا: فَمَا مَخْمُوْمُ القَلْبِ؟! قَالَ: “هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيْهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ” رواه ابن ماجه والبيهقي بإسناد صحيح. فَأَفْشُوا السَّلامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَتَصَافَوا وَتَصَالَحُوا، وَلِينُوا، وَتَوَاضَعُوا، وَتَبَسَّمُوا، وَتَرَاحَمُوا، وَاحفَظُوا حَقَّ الجِوَارِ، تَفَقَّدُوا الـمَرِيْضَ والـمُحْتَاجَ، وَصِلُوا الرَّحِمَ، وَأطعِمُوا الجَائِعَ، وَأَعْطُوا الفَقِيْرَ، وَوَفُّوا لِلنَّاسِ حُقُوْقَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْطُوا حَقَّ الأَجِيْرِ، وَزِيْدُوا مِنْ بِرِّكُمْ بِوَالِدِيْكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِليْهِمَا خَاصَّةً عِنْدَ الكِبَرِ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَقَدْ أَوْصَى بِهِنَّ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
أَهْلًا بِعِيْدِ النَّحْرِ هَلَّ وَأَشْرَقَا
مَـلَأَ البِــــــلَادَ أَمَانِيًا وَتَأَلُّــــقًا
هَذِيْ الجَوَامِعُ كَبَّرَتْ لِقُدُوْمِهِ
يَا مَرْحَبًا بِالعِيْدِ يَوْمًا مُشْرِقَا
عِبَادَ اللهِ: قالَ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فِإنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ” رواه البخاري. فَالْأُضْحِيَةُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، أَفْضَلُهَا: أَكْرَمُهَا مِنَ الْأَنْعَامِ وَأَسْمَنُها، وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَيُجْزِئُ مِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ، وَمِنَ الْإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ. وَوَقْتُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَةِ: مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِيدِ إِلَى آخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُجْزِئُ الذَّبْحُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.
فَيُطْعِمُ المضَحِّي أَهْلَهُ، وَيُهْدِي لِجِيْرَانِهِ أَوْ أَحِبَّتِهِ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدِهِ، وَلَا يُعْطِي الْجَزَّارَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ عِوَضًا لَهُ عَنْ أُجْرَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يُهْدِيَهُ مِنْهَا بَعْدَ إِعْطَائِهِ أُجْرَتَهُ.
فَبَادِرُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- إِلَى إِحْيَاءِ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ، ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: 36].
(اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ)
أَيَا مَعْشَرَ النِّساءِ: اِتَّقِينَ اللهَ؛ فَأَنْتُنَّ نُورُ الْبُيُوتِ وَأَرْكانُها، وَسِرُّ سُكُونِها وَاطْمِئْنانِها، وَلَا يَقُومُ أَحَدٌ مَقامَكُنَّ؛ فَعَلَى أَيْدِيكُنَّ تُرَبَّى الْأَجْيالُ، وَمِنْ بُيُوتِكُنَّ تُصْنَعُ الْأَمْجادُ، وَأَنْتُنَّ وَاللهِ مَسْؤُولاتٌ؛ فَأَدِّينَ ما أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْكُنَّ مِنْ حُسْنِ تَرْبِيةِ الْأَوْلادِ، وَرِعايَةِ الأُسرةِ، وَحَقِّ الزَّوْجِ؛ قالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتِ المرْأَةُ خَمْسَها، وَصامَتْ شَهْرَها، وَحَفِظَتْ فَرْجَها، وَأَطاعَتْ زَوْجَها، قِيلَ لَها: اُدْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوابِ الجَنَّةِ شِئْتِ» رواه ابنُ حِبَّانَ في صحيحِه.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا.. وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوْبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ.
﴿الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ﴾
الْحَمْدُ للَّـهِ خَالِقِ الْخَلْقِ، مَالِكِ الْمُلْكِ، مُدَبِّرِ الْأَمْرِ؛ امْتَلَأَتْ بِحُبِّهِ وَتَعْظِيمِهِ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَانْصَرَفَتْ عَنْ ذِكْرِهِ قُلُوبُ الْمَفْتُونِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَاهُ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَاهُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا سَخَّرَ لَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَمَا شَرَعَ لَنَا مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالْأَنْسَاكِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَحِلُّ الذَّبْحُ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ إِلَّا لَهُ، وَلَا يُذْكَرُ عَلَى الذَّبِيحَةِ إِلَّا اسْمُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي سَنّ لَنَا الْأُضْحِيَةَ قَولًا وفِعْلًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إله إلا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحمدُ.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوْا اللهَ أيُّهَا الـمُسْلِمُونَ بِطَلَبِ مَرْضَاتِهِ، وَالبُعْدِ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ يَوْمَكُمْ هَذا يَوْمٌ جَلِيْلٌ، وَأَنَّ عِيْدَكُمْ عَيْدٌ فَضِيْلٌ؛ فَأَدْخِلُوا الْأُنْسَ وَالسُّرُورَ عَلَى أَهْلِيْكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ وَقَرَابَاتِكُمْ وَذَوِيْ أَرْحَامِكُمْ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى فِي دِيْنِنَا فُسْحَةً بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ، فَلْيَكُنِ الفَرَحُ فِي عِيْدِنَا مُنْضَبِطًا بِمَا أَحَلَّ اللهُ لَنَا، وَلْنَحْفَظْ حُدُوْدَهُ سُبْحَانَهُ فِيْمَا نَفْعَلُ وَنَتْرُكُ.
عِبَادَ اللهِ: اجْتَمَعَ الْعِيْدُ مَعَ الْجُمُعَةِ في عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَخَّصَ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ حَضَرَ الْعِيْدَ، فَمَنْ صَلَّى الْعِيْدَ فَلَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّيهَا ظُهْرًا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَإِنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ عز وجل: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عن الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ إِخْوانَنا المسْتَضْعَفِينَ فِي فِلِسْطِينَ، إِلَاهُنا إِلَيْكَ نَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِهِمْ وَقِلَّةَ حِيلَتِهِمْ، اللَّهُمَّ قَوِّ ضَعْفَهُمْ وَأَبْدِلْ ذُلَّهُمْ عِزًّا وَنَصْرًا وَتَمْكِينًا يا رَبَّ الْعالَمِينَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نَرْجُو فَلا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ. اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى المرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمينَ.