لعلة متأولة ، كصيام ليلة النصف من شعبان اعتقادا بفضل ذلك ، وحاصل الأمرين مضادة الشرع بالزيادة عليه أو النقصان منه .
3- المضاهاة للشريعة 36 : لأن أحكام الشريعة تتسم بأنها تشريع ديني من عند رب العالمين ؛ وحق له ، فلا يجوز لغيره تشريع ما لم يأذن به من أمور الدين .
والبدعة شابهت الشريعة فاشتملت على هذا الأمر ، فهي تشريع ديني لكنه بشري ، كمن تعبد الله بالصمت ، فقد شرع الصمت عبادة ؛ وأعطاه حكم شرعيا حاصله أنه قربة لله محبوبة إليه ولذلك يفعله .
4- أن المقصود بالطريقة البدعية كالمقصود بالطريقة الشرعية : لأن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد ، فإن كانت الشريعة عبادة فالمقصود بها التعبد لله والامتثال لأمره بطاعته ، وإن كانت تنظيما لعادات الناس ومعاملاتهم فالمقصود منها تحقيق مصالح العباد وحفظ حقوقهم ووضعها على سَنَن العدل الإلهي .
والبدعة إن دخلت في جانب العبادة ؛ قصد بها المبتدع المبالغة في التعبد ، فسلك بهذا طريقا غير مشروع ، وإن كانت في جانب العادة ؛ فإنه يقصد من ذلك تحقيق ما يظنه عقله مصلحة له ، فخالف أمر الله ونهيه ، لأن العقل لا يستقل بمعرفة كل مصالح العباد ، وحاصل أمر الابتداع في العبادات والعادات هو مخالفة اعتقاد كمال الشرع 37 .
ومثال ذلك ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، يقول : ( جاء ثلاث رَهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فلما أخبروا كأنهم تَقَالُّوهَا ! فقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” أنتم الذين قلتم : كذا وكذا ؟ أما والله أني لأخشاكم لله ؛ وأتقاكم له ؛ لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ” ) 38 .
فانظر هنا كيف عدّ النبي صلى الله عليه وسلم الزواج من النساء من سنته ، وتوعد من رغب عنها ، مع أن النكاح من أمور العادات ، ولكن الامتثال لحكم الله الشرعي بإحلال النكاح ، وبعدم الامتناع منه والاعتزال للنساء