21 ذي القعدة, 1446

مَن أكثرَ #التَّدقيق.. حُرِمَ #التَّوفيق

 

#العاقلُ #الذكيّ لا يُدقّق في كل صغيرة وكبيرة،

لا يُفتّش في النوايا، ولا يُفسّر كل تصرّف، ولا يُوقف حياته عند كل كلمة قيلت بعفوية.

 

الحياة أثقل من أن نُحمّلها كل هذا التحليل.

والنّاس ما خُلقوا ملائكة، بل فُطِروا على الهفوات والسهو والزّلل، فاحتمل منهم ما استطعت.

قال ﷺ: “أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم، إلا الحدود.” — صحيح

 

ثلث العقل فطنة، وثلثاه تغافل،

فلا تُحاسب زوجتك كأنك رئيس حسابات،

ولا تُفتّشي في مصروف زوجك كأنه يتقاضى منك راتبًا!

ولا تَقطع رَحمك لأجل قانون واحدة بواحدة،

دع للودّ موضعًا، وللصفح طريقًا، وللتغافل فنًّا.

 

أجمل ردّة فعل؟ ألا تكون لك ردّة فعل،

إلا حين تستحق المواقف… لا التوافه.

 

اجعل قلبك واسعًا، لا يُضيق بكلّ خطأ،

واجعل عقلك عاليًا، لا ينحني لكل شاردة،

فما كُلُّ شيءٍ يُقال يستحق الرد،

ولا كل تصرّفٍ يستوجب تفسيرًا.

 

ارتقِ.. بالتغافل، فإنّه من تمام #العقل وكمال #المروءة.

*البيت مو فندق… والأب مو موظف استقبال!*

(عن زمنٍ ظن فيه بعض الأبناء أن التربية خدمة فندقية خمس نجوم… مع فطور مجاني وتدليك عاطفي!)

بطاقة دخول بلا مسؤولية!

يدخل الولد إلى البيت،

وجهه عابس كأن الكهرباء انقطعت،

يرمي الحذاء في مكان والشراب في مكان آخر،

ثم يتوجه مباشرة إلى الثلاجة، كأنها جهاز إنعاش نفسي!

تأخذه الأم بهدوء:

“كيف كان يومك يا حبيبي؟”

فيجيب:

“تعبان… لا تسأليني!”

ويا ليت الموضوع يقف عند هذا الحد،

بل يستلقي على الأريكة… ويبدأ بانتظار “الخدمة”!

تُحضَر له السفرة،

وتُرفع من بعده الأطباق،

ويغادر دون حتى أن يقول: “شكرًا!”

كأنه نزيل فندق خمس نجوم…

جاء فقط ليستريح ثم يغادر دون وداع.

عندما يصبح الأب موظفًا تحت الطلب!

الأب في الماضي،

كان قائدًا… عمودًا… كلمةً تردع وتربّي.

أما الآن،

فبعض الأبناء ينظرون إليه كأنه موظف استقبال

مطلوب منه أن يبتسم دائمًا،

أن يوفر المصروف، السيارة، الانترنت،

وفي النهاية… “ما تعرف تربي!” إذا قال كلمة توجيه!

صار الأب يعتذر إذا غضب، ويبرر إذا نصح،

والمصيبة أن الأبناء يريدونه “رقيقًا، مبتسمًا، وبدون أي شروط”!

وكأنهم اشتركوا في تطبيق “أب بلس” المدفوع!

التربية ليست وجبات جاهزة!

التربية ليست وجبة تطلبها من “طلبات” وتوصلك ساخنة!

بل هي سلسلة من الجهد، المتابعة، التحفيز، والحزم عند الحاجة.

لكن عندما يتحول المنزل إلى فندق،

والأب إلى جهاز صرف آلي،

والأم إلى خدمة غرف شاملة…

يتعلم الابن أن يأخذ دون أن يعطي،

وأن يطلب دون أن يشارك،

وأن يعيش وكأن الآخرين موظفون في راحته النفسية!

نحن لا نربي خُدّامًا بل رجالاً!

المشكلة ليست في الأبناء فقط،

بل أحيانًا فينا نحن الكبار،

نخجل من قول “لا”،

ونرتبك من قول “انهض وساعد”،

ونعطي أكثر مما يجب… ثم نتساءل: لماذا لا يُقدّر؟

نحتاج أن نعود لتلك التربية التي تزرع الاحترام بالحب، والمسؤولية بالقدوة.

نحتاج أن نقول:

“قم، واغسل صحونك، ونظّف غرفتك، هذا بيتك وليس فندقاً!”

ليتعلم أن ما يُقدم له، ليس واجبًا، بل حبًا…

وأن الأب ليس موظفًا… بل نعمة، وقدوة، وصخرة يُبنى عليها الوعي.

جيل الفندق… أم جيل الوطن؟

إن ربّينا على “خذ فقط”،

سنخرج جيلاً ضعيفًا أمام أبسط المواقف.

أما إن ربّينا على “شارك، وتحمّل، وكن مسؤولاً”،

فسنزرع رجلاً يعرف كيف يخدم بيته، وأهله، ومجتمعه، ووطنه.

لأن الأبناء ليسوا مشاريع ترف،

بل مشاريع وطن…

والمجتمع لا يُبنى بـ”الطلبات الجاهزة”،

بل بالرجال الذين لا ينتظرون… بل يبادرون.

🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻

*✍مــواقـف لا تِنســى..*

 

1️⃣ ما كان عثمان بن عفان ينساها لرسول الله ﷺ يوم تخلّف عثمان عن بيعة الرضوان ، فيضع النبي ﷺ يده الأخرى قائلًا: “وهذه عن عثمان”..

 

2️⃣ وما كان كعب بن مالك ينساها لطلحة ، يوم أن ذهب إلى المسجد متهللًا بعد أن نزلت توبته ، فلم يقم إليه أحد من المهاجرين إلا طلحة ، قام فصافحه وآواه بعد غياب واقتسم معه فرحته..

 

3️⃣ وما كانت عائشة تنساها للمرأة الأنصارية ، التي دخلت عليها في حديث الإفك ، وظلت تبكي معها دون أن تتكلم وذهبت..

 

4️⃣ وما كان أبو ذر ينساها لرسول الله ﷺ يوم تأخر عن الجيش ، فلما حطّ القوم رحالهم ورأوا شبحًا قادمًا من بعيد ، وأحسن النبي الظن بأبي ذر أنه لن يتخلف ، فتمنى لو كان الشبح له ، وظل يقول: كن أبا ذر ، فكان..

 

👈إنما الرفاق للرفاق أوطان ، يُقيلون العثرات ، ويغفرون الزلات ، يوسعونهم ضمًا ، ويغدقون عليهم الحنان ، يحلون محلهم إذا تغيّبوا ، ويحسنون بهم الظنون ، والبر لا يبلى ، والنفوس تحب الإحسان ، والله من قبل يُحب المحسنين..

 

•اللهم اجمعنا فى الدنيا على طاعتك ومحبتك ، وفى الآخرة فى أعلى عليين ، على سُرُر متقابلين ، مع من نُحب ، بصحبة نبينا محمد ﷺ..

أَهَمِّيَّةُ التَّصْرِيحِ لِلْحَجِّ

﴿الخُطْبَةُ الأُوْلَى﴾

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.﴿يَٰٓأَيُّهَا ‌ٱلنَّاسُ ‌ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21]

أَمَّا بَعْدُ: ‎ فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي بَلَّغَنا هَذِهِ الْأَيَّامَ المبارَكَةَ، وَبَلَّغَنا أَعْظَمَ أَعْمَالِ البِّرِّ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَهُوَ الْحَجُّ، وَجَعَلَهُ رُكْنًا مِنْ أَرْكانِ الإِسْلامِ مَعَ الِاسْتِطاعَةِ، وَجَعَلَ فِيهِ مَنَافِعَ شَتَّى، أَعْظَمُها تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْبَرَاءُ مِنَ الشِّرْكِ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي شَرَّفَ هَذِهِ الْبِلَادَ الطَّيِّبَةَ الْمُبَارَكَةَ -الْمَمْلَكَةَ الْعَرَبِيَّةَ السُّعُودِيَّةَ- قِيَادَةً وَشَعْبًا، بِخِدْمَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، فَقَامَتْ بِمَسْؤُولِيَّتِهَا هَذِهِ خَيْرَ قِيَامٍ، فَوَفَّقَها اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي وَضْعِ الْأَنْظِمَةِ وَالتَّعْلِيمَاتِ الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى خِدْمَةِ الْحُجَّاجِ وَالْعُمَّارِ وَالزُّوَّارِ، مُنْذُ اسْتِقْبالِهِمْ إِلَى أَنْ يَتِمَّ حَجُّهُمْ بِسَلامٍ؛ لِيَفُوزُوا بِحَجٍّ مَبْرُورٍ وَذَنْبٍ مَغْفُورٍ، وَيَعُودُوا سالِمِينَ غانِمِينَ إِلَى أَهْلِهِمْ.

وَمِنْ تِلْكَ التَّنْظِيماتِ الَّتِي تُيَسِّرُ شَعِيرَةَ الْحَجِّ: إِلْزامُ حُكُومَتُنا المبارَكَةُ كُلَّ مَنْ أَرادَ الحَجَّ مِنَ المواطِنِينَ وَالمقِيمِينَ وَالقادِمِينَ مِنْ خارِجِ الممْلَكَةِ، بِاسْتِخْراجِ تَصْرِيحٍ لِلْحَجِّ، وَهَذا شَرْطٌ لازِمٌ، وَقَدْ أَوْضَحَتْ: هَيْئَةُ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الذَّهَابُ إِلَى الْحَجِّ دُونَ أَخْذِ تَصْرِيحٍ، وَيَأْثَمُ فَاعِلُهُ. فَالِالْتِزَامُ بِالتَّصْرِيحِ يُحَقِّقُ مَصَالِحَ جَمَّةً مِنْ جَوْدَةِ الْخِدْمَاتِ الْمُقَدَّمَةِ لِلْحُجَّاجِ فِي أَمْنِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ وَسَكَنِهِمْ وَإِعَاشَتِهِمْ، وَيَدْفَعُ مَفَاسِدَ عَظِيمَةً، كَالْاِزْدِحَامِ وَالتَّدَافُعِ وَالْاِفْتِرَاشِ فِي الطُّرُقَاتِ مِمَّا يُعِيقُ تَنَقُّلَاتِهِمْ وَتَفْوِيْجِهِمْ، وَقَدْ يُؤَدِّي –لا سَمَحَ اللهُ- إِلَى التَّهْلُكَةِ.

وَالْاِلْتِزَامُ بِاسْتِخْرَاجِ التَّصْرِيحِ لِلْحَجِّ هُوَ مِنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي الْمَعْرُوفِ، يُثَابُ مَنِ الْتَزَمَ بِهِ، وَيَأْثُمُ مَنْ خَالَفَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ الْمُقَرَّرَةَ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْتِزَامَ الْحَاجِّ بِالْأَنْظِمَةِ وَالتَّعْلِيمَاتِ دَاخِلٌ فِي تَقْوَى اللهِ فِي أَدَاءِ نُسُكِ الْحَجِّ، وَفِي تَعْظِيمِ حَرَمِ اللهِ وَحُرُمَاتِهِ وَمَشَاعِرِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ‏﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]. وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنِ الْمُكَلَّفُ مِنِ اسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ‏﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾.

عِبادَ اللهِ: اِعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ التَّقَيُّدَ بِهَذِهِ التَّعْلِمياتِ وَالْأَنْظِمَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِخِدْمَةِ الْحَجِيجِ وَحِمايَتِهِمْ إِنَّما هَدَفُها إِتْمامُ الشَّعِيرَةِ بِصُورَةٍ آمِنَةٍ مُنَظَّمَةٍ، فَتِلْكَ الْأَعْدادُ الْهائِلَةُ مِنَ الْحُجَّاجِ إِنْ لَمْ يَتِمَّ تَنْظِيمُ تَحَرُّكاتِها بِشَكْلٍ جَيِّدٍ فَسَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى حَوادِثَ كارِثِيَّةٍ، كَالتَّدافُعِ وَالِاخْتِناقاتِ الَّتِي قَدْ تُهَدِّدُ سَلامَةَ الحَجِيجِ، وَتُؤَثَّرُ عَلَى سَيْرِ المناسِكِ؛ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَسَّرَ اللهُ لَهُ الْحَجَّ هَذا الْعامَ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الْجِدالِ وَالرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ؛ والزِّحامِ، وَمُخالَفَةِ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ سُبْحانَهُ في كِتابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلى الله عليه وسلم، وأن لا يخالف ولاة الأمر فيما اتخذوه من تنظيمات فَإنها إِنَّمَا وُضِعَتْ لِتخدم الصَّالِحِ الْعَامِّ، ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].فَلَا يَجُوزُ الذَّهابُ إِلَى الحَجِّ بِلا تَصْرِيحٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مُخالَفَةً لِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الَّذِي أَصْدَرَ هَذِهِ التَّعْلِيماتِ؛ لِتَحْقِيقِ المصالِحِ الْعُلْيَا فِي الحَجِّ، قالَ تَعالَى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖﵞ [النساء: 59]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَطاعَنِي فَقَدْ أَطاعَ اللهُ، وَمَنْ عَصانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصانِي» [صحيح على شرط الشيخين].

فاللَّهُمَّ يَسِّرْ لِلْحَجِيجِ حَجَّهُمْ، وَتَقَبَّلَهُ مِنْهُمْ، وَارْضَ عَنْ كُلِّ مَنْ يُساهَمَ فِي إِتْمامِ هَذَهِ الشَّعِيرَةِ الْمبارَكَةِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الكَرِيْمُ.

 

﴿الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ﴾

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

عِبادَ اللهِ: إِنَّ مِنَ المحاذِيرِ الْعَظِيمَةِ فِي الحَجِّ بِلا تَصْرِيحٍ أَنَّهُ لا يَقْتَصِرُ ضَرَرُهُ عَلَى صاحِبِ المخالَفَةِ، بَلْ يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ؛ فَيُسَبِّبُ الزِّحَامِ الشَّدِيدَ فِي المشاعِرِ، وَيُؤْذِي الحَجَّاجَ، وَيُعِيقُ الْخَدَماتِ، وَيُشْغِلُ الجِهاتِ الْأَمْنِيَّةَ وَالصِّحِّيَّةَ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ المتَعَدِّي، وَهُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قالَ صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرارَ» [حكم الألباني: قوي بالطرق]

عِبادَ اللهِ: إِنَّ هَذِهِ المواسِمَ الْعَظِيمَةَ المبارَكَةَ أَيَّامُ مِنَحٍ وَمِنَنٍ مِنْ رَبِّنا عَزَّ وَجَلَّ، وَفُرَصٌ جَدِيدَةٌ لِلتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ سُبْحانَهُ، وَهِيَ أَشْبَهُ بِمَحَطَّاتِ تَنْقِيَةٍ وَتَطْهِيرٍ لِأَعْمالِنا، وَمَيْدانٌ لِلتَّنافُسِ وَالِاسْتِكْثارِ مِنَ الْخَيْرِ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ عز وجل: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]

‎اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عن الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نَرْجُو فَلاَ تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ. اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى المرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمينَ.

د. مصطفى محمود

اللي يموت النهارده بيحصل اللي ماتوا من آلاف السنين إذن ماذا ستفعل في قبرك لو بقيت فيه ١٠٠ الف سنة مثلًا ؟ ولا تعرف متي يوم القيامة ؟

-يقول الدكتور مصطفي محمود : ‏سأعطيكم طريقه نفعت معي كثيرا وأصبحت أركز عليها في عبادتي أكثر

‏- القبر مخيف … طبعًا لغير الصالحين

‏فكرت في ذلك وماذا سأفعل لما أسكن بالقبر لحالي 100 ألف سنة ..!!!

‏- هل عمرك تخيلت ؟؟؟

في الغالب لا

‏ لذلك بدأت أعمل كالتالي

أنا سأموت و عندي قبر فارغ أسود مظلم تماما، هذا القبر إذن بحاجة للأثاث فصرت أتخيل كل استغفار أستغفره و كأني أُرسله إلى قبري ينتظرني هناك لكي يؤنسني بوحدتي

‏والله لا أمزح .. بدأت بعملية أثاث كامل .

-زاوية القبر هذه أملأها بالآلاف من التسبيحات

‏- هنا في الجزء اللي عندي رأسي عندما يضعوني يحتاج 300 ختمه قرآن على الأقل

-‏ كل ركعة أركعها أتخيل أني أضعها رصيد بالقبر

‏- الكل سيتركني و يرجعوا على البيت .. ويعودون إلي حياتهم الطبيعية بالتدريج وتلك سنةً الحياة .. سأظل لوحدي يمكن ١٠٠ ألف سنةً وممكن تصل مليون سنة الله أعلم بعدتها

‏ إذن أنا بحاجة لأنوار وأشجار ونخيل وفاكهة بحاجة أن يكون قبري روضة من رياض الجنة .. ماذا أفعل ..؟؟؟؟

-أتخيل أن الحوقلة والذكر والقرآن والتشهد والصدقة كلهم حولي في قبري نضحك ونتكلم

-تذكرت أيضًا شئ عظيم وسهل علي فعله وهو. : أن المُنفقين كـالشهداء {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } فقُمت و بحثت فى القرأن عن هذا الكلام وجدت فعلًا ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون جاءت فعلًا في حق الشهداء والمُنفقين

جاءت مرتين في_حق_المُنفقين في سورة البقرة منهم الآية 274 { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }

والآية 262 { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ } وكانت أول مره انتبه للتشبيه

يا الله – المُنفقين كـالشهداء {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

ولو خايف، خايف الأزمة تطوِّل، خايف الاموال ماتكفي، خايف من المرض، خايف تفقد اخوانك واصحابك وجيرانك خايف من أى شيي يصير معك فى حياتك؟

أنفق فيكون لا خوف عليك ولا حزن، يا الله علي الجمال، ثم تأتي الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم تشاركني الجلسة مع أعمالي الصالحة، حياة ما بعدها حياة

أليس ما أفعله من تسبيح وذكر أفضل من أن أنزل هناك مع هذا أو ذاك فأحصد غيبة ونميمة وأجد كل أعمالي كانت لمطالب الدنيا وأكل لحسناتي ولا شيء لوجه الله ولا ينتظرني إلا الهَم والعذاب والحساب الشديد، لذا كان لزامًا علىَّ أن أختار الصحبة الصالحة

‏نصيحتي لي ولكم اليوم قبل الغد، اجعل قبرك بنك، ضع فيه رصيد، اعتني بعبادتك جيداً، يزيد الرصيد

‏والله وأنت حتى في قبرك ستشكُرني من هناك، إعتني بهناك أكثر من الدنيا

الآن أنت بين أهلك لابس آكل شارب نائم مِتهنّي وعندك كل مطالبك و مع هذا نكره حتى حالنا فما بالك تحت .. تحت التراب ؟؟؟

‏لذلك إعتني بكل تسبيحه جيدا وقل لها اسبقيني إلي هناك .. في القبر سوف نلتقي وتكوني خيرَ أنيس وخيرُ جليس

اللهم ارزقنا حسن الخاتمه

قرأت هذا الكلام الجميل وراق لي فأهديته لكم

لأني أحبكم في الله تعالي

الطائف تكرم رجالها.. أمسية وفاء في إيوان المودَّة

المصدر: صحيفة مكة الإلكترونية
https://search.app/s3kWx

♦️ لم اسمع امي تقول لأبي احبك ، ولكن قطعة الدجاج الكبيرة كانت من نصيبه ،

 

♦️ لم ارَ امي تعلمني كيف احترم ابي ، لكنها كانت لا تصبُ الطعام حتى يحضر هو ، ولا نشرب قبل ان يشرب هو ، ولا تقبل ان نمد ايدينا على الطعام قبل ان يمد يده هو ،

 

♦️ امي لا تملكُ هاتفًا لتعبر عن قلقها بغياب ابي ، بل كنت اراها تجلس عند الباب الخارجي للبيت ، تنتظر حتى يرجع ، لا تدخل للبيت حتى يدخل هو ، هو كان خيمة امي ،

 

♦️ امي كانت لا تعرف مواقع تواصل اجتماعي لتنشر لأبي ، بل كنت اراها تشمر الماء خلفه حين يذهب ، واراها تدعي بصلاتها ليعود ،

 

♦️ ابي عندما يدخل للبيت ، امي تنهض حتى يجلس هو ،

 

♦️ امي كانت تقول لنا لا تبذروا ، فأن اباكم الان تحت لهيب الشمس من اجل توفير لكم لقمة العيش ،

 

♦️ ابي عندما ينام ، كانت امي تفرض حضرًا للتجوال داخل البيت ، لا صوت يعلو ولا لعبٍ يقام حتى يستفيق من نومه ابي ،

 

♦️ اما كنتُ اراها تُظلم من اخرين ، لكن عندما يعود ابي لا تقول لهُ ، وعندما اسألها ، تقول لي ، ابوكَ متعب ، لا اريد ان ازيد حمله ،

 

♦️ احيانًا انسى اسم ابي ، لأني كنتُ لا اسمعهُ الا في المدرسة ، اما امي كانت تبجله وتكنيه بأسم ابو فلان ، قرةُ عيني ، حجي ، شيخ ، لم اسمعها بحياتي قط نادتهُ بأسمه ،

 

♦️ ابي عندما كان يمرض امي لا تنام ، اراها تجلس جنبه حتى الصباح ، تارة تدلك لهُ جسمه ، وتارة تضمد جراحه ، وتارة كمادات لجسده

 

✅ واخيرًا

تعلمنا احترام ابي من حكمة امي ، من احترام امي لهُ ، هي ما كانت تعلمنا نظريًا ، بل كنا نراها تطبق الاحترام لابي عمليًا ، فكنا مجبرين ان نحترم ابي ، لأن امنا كانت تصنع لهُ هيبة بيننا ، تبجلهُ وتمجدهُ ، ونحن نفعل ما تفعل امي ، نحن كنا اطفال ، لذلك نفعل ما تفعل هي ،

لذلك اخوتي ، اوصيكم بأختيار الزوجة الصالحة ، لأن الزوجة الصالحة تسهل لك تربية اطفالك كثيرًا ، تزرع في طفلك المبادئ والقيم والاخلاق ، الام الصالحة تربي اشبالاً صالحين ، تجبر اطفالها ان يحترموك ويهابوك بسبب احترامها لك وتقديرها لوجودك ،

 

إختاروا الصالحات ، واظفروا بذات الدين تربت يداكم

 

اللهم ارحم ابائنا وأمهاتنا جميعا واسكنهم الفردوس الاعلى من الجنة 🤲🏽❤️

حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ

﴿الخُطْبَةُ الْأُوْلَى﴾

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ صَاحِبَ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ النَّاسِ.

أَمَّا بَعْدُ أَيُّها الموَحِّدُونَ: جاءَ فِي صَحِيح ِالبُخارِيِّ وَمُسْلِمٍ، فِي حُسْنِ المعاشَرَةِ، مِنْ حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها وَأَرْضاها، أَنَّ نَبِيَّنا صلى الله عليه وسلم رُغْمَ أَشْغالِهِ، وَعَظِيمِ مَسْؤُولِيَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ كانَ يَسْتَمِعُ لِحَدِيثِها، وَلَا يُقَاطِعُها، فَذَكَرَتْ لَهُ  مِنْ أَخْبارِ بَعْضِ النِّساءِ فِي الْجاهِلِيَّةِ؛ قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْها: «جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ، وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا»؛ مَدْحًا أَوْ ذَمًّا. «قَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ»؛ تَصِفُ قِلَّةَ خَيْرِ زَوْجِها، وَسُوءَ خُلُقِهِ وَغِلْظَةَ طِباعِهِ، وَتُشَبِّهُهُ بِلَحْمِ الْجَمَلِ الْهَزِيلِ تَعافُهُ النَّفْسُ.

«قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ» أَيْ: أَنَّها لا تَسْتَطِيعُ الْكَلامَ عَنْ عُيُوبِ زَوْجِها؛ لِكَثْرَتِها، وَعُجَرِهِ وَبُجَرِهِ؛ أَيْ: عُيُوبٌ ظَاهِرَةٌ وَأُخْرَى باطِنَةٌ.

«قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ»؛ وَالْعَشَنَّقُ: الطَّوِيلُ بِلا فائِدَةٍ؛ تَقُولُ: لا خَيْرَ فِيهِ؛ وَلَا يُرْضِيهِ شَيْءٌ، فَإِنْ تَكَلَّمَتْ طَلَّقَها، وَإِنْ سَكَتَتْ تَرَكَها مُعَلَّقَةً.

«قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي ‌كَلَيْلِ ‌تِهَامَةَ لَا حَرَّ وَلَا قُرَّ، وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ» تَصِفُ زَوْجَها بِحُسْنِ خُلُقِهِ، وَجَمِيلِ عِشْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لا يُؤْذِيها، وَلَا تَخافُ شَرَّهُ.

«قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ» تَصِفُهُ بِالشَّجاعَةِ وَالْكَرَمِ؛ فَهُوَ مَعَها لَطِيفٌ كَرِيمٌ، وَخارِجَ الْبَيْتِ شُجاعٌ قَوِيٌّ، وَيَتَغافَلُ عَنْ مَعايِبِ الْبَيْتِ؛ لِتَمامِ كَرَمِهِ.

«قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وإن شَرِبَ اشْتَفَّ، وإن رَقَدَ الْتَفَّ، وَلا يُدْخِلُ الْكَفَّ فَيَعْلَمُ الْبَثَّ» وَصَفَتْ زَوْجَها بِأَنَّهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ كَثِيرًا، وَإِذَا شَرِبَ أَصْدَرَ صَوْتًا، وَإِذَا نامَ الْتَفَّ فِي ثِيابِهِ، وَلا يَسْألُ عَنْ حَالِها، وَلَا يُسامِرُها، فَهُوَ مَعَ كَثْرَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، لا يُجِيدُ عِشْرَةَ النِّساءِ.

«قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أو عَيَايَاءُ، طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ»؛ تَصِفُهُ بِالْغَباءِ وَالْحُمْقِ، وَإِذَا غَضِبَ فَإِمَّا أَنْ يَشُجَّ رَأْسَها، أَوْ يَكْسِرَ عُضْوًا مِنْ أَعْضائِها، أَوْ يَشُجَّ وَيَكْسِرَ مَعًا.

«قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ» تَقُولُ إِنَّ زَوْجَها لَيِّنُ الْجانِبِ، كَرِيمُ الْخُلُقِ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ.

«قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ» امْتَدَحَتْه بِالشَّرَفِ وَالْحَسَبِ الرَّفِيعِ، وَطُولِ الْقَامَةِ، وَالْكَرَمِ؛ لِذَا ضُيُوفُهُ كَثِيرُونَ، فَهُوَ يَذْبَحُ لَهُمْ مِنْ إِبِلِهِ.

«قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ» امْتَدَحَتْه بِأَنَّ لَهُ إِبِلًا كَثِيرَةً، فَهُوَ دائِمًا يَذْبَحُ مِنْها لِضِيفانِهِ، وَما أَجْمَلَ وَأَلْيَقَ الْكَرَمَ بِالمؤْمِنِ! وَما أَقْبَحَ صِفَةَ الْبُخْلِ! قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ» [متفق عليه].

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الكَرِيْمُ.

 

 

﴿الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ﴾

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ: عِبَادَ اللَّهِ: «قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا»؛ تَقُولُ أُمَّ زَرْعٍ إِنَّ زَوْجَها أَغْدَقَ عَلَيْها مِنَ الذَّهَبِ وَالْأَمْوالِ وَالطَّعامِ وَالشَّرابِ وَالْخَدَمِ، فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ الرَّاحَةَ وَالنَّعِيمَ، وَهِيَ كَرِيمَةٌ عَلَيْهِ، لا يَرُدُّ لَهَا طَلَبًا، وَقَدْ أَكْرَمَ أَهْلَها، فَصارُوا أَغْنِياءَ، ثُمَّ امْتَدَحَتْ أَهْلَ أَبِي زَرْعٍ. ثُمَّ قَالَتْ: «خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، قَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ» [متفق عليه]. وَجَدَ أَبُو زَرْعٍ امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ؛ فَتَزَوَّجَها، وَطَلَّقَ أُمَّ زَرْعٍ، وتَزَوَّجَتْ أمُّ زَرْعٍ رَجُلاً آخَرَ، وَصَفَتْهُ بِالثَّراءِ وَالْجاهِ وَالْجُودِ، فَبالَغَ فِي إِكْرامِها، وَمَعَ ذَلِكَ ظَلَّتْ مَكانَةُ أَبِي زَرْعٍ فِي قَلْبِها. وَفِي رِوايَةِ مُسْلِمٍ: قالَ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»، وَزادَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: «إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ»؛ وَذَلِكَ تَطْيِيبًا لِنَفْسِها، فَقالَتْ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ”.

عِبادَ اللهِ: مِنْ فَوائِدِ الْحَدِيثِ: مَهْمَا كانَتِ انْشِغالاتُكَ لا تَنْسَ حَقَّ أَهْلِكَ مِنْ طِيبِ الْعِشْرَةِ وَالْأُلْفَةِ، وَكَرَمِ الصُّحْبَةِ، وَالْمُؤَانَسَةِ، وَبَسْطِ النَّفْسِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ، وَجَوازُ إِعْلامِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ بِمَحَبَّتِهِ إِيَّاها؛ إِذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا لا يُفْسِدُها عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِعْلامُ المرْأَةِ زَوْجَها بِحُبِّها إِيَّاهُ، وَالْهَدِيَّةُ تَزِيدُ المحَبَّةَ، وَجَوازُ ذِكْرِ أُمُورِ الْجاهِلِيَّةِ، وَضَرْبِ الْأَمْثالِ بِأَهْلِها اعْتِبارًا، وَمِنَ فَوائِدِهِ: فَضْلُ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، وَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَها، وَجَوَازُ التَّأَسِّي بِأَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ، فِيْما هُوَ ثابِتٌ فِي شَرْعِنا، وَمِنَ الْفَوائِدِ: بَسْطُ الْوَجْهِ وَاللِّسانِ مَعَ النَّاسِ، فَهُوَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَمِنْ فَوائِدِهِ: يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تَصِفَ زَوْجَها بِما يَكْرَهُ، وَأَلَّا يَسْتَخِفَّ الرَّجُلُ بِالمرْأَةِ، وَمِنْ الْفَوائِدِ: أَنَّ الْحُبَّ يَسْتُرُ الْعُيُوبَ وَالْإِسَاءَةَ؛ فَقَدْ بالَغَتْ أُمُّ زَرْعٍ فِي وَصْفِ أَبِي زَرْعٍ مَعَ أَنَّهُ طَلَّقَها، وَمِنْها: أَنَّ الْكَرَمَ مِنْ غَيْرِ إِسْرافٍ صِفَةٌ كَرِيمَةٌ، وَأَنَّ الْبُخْلَ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِما يَصْلُحُ لِطَبِيعَةِ المرْأَةِ، وَلَا يَتَّخِذَها خَصْمًا وَنِدًّا. اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفِ عَنَّا سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ عز وجل: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عن الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نَرْجُو فَلاَ تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ. اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى المرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمينَ.

تشرفت بتقديم ورقة بحثية في الدورة السادسة والعشرين لمجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد بدولة قطر ، بعنوان:

( الألعاب الإلكترونية، أحكامها وضوابطها)،

وقد توصلت إلى جملة من النتائج من أبرزها:

1- الألعاب الإلكترونية: نشاط ترويحي ذهني يمارس عن طريق الأجهزة الرقمية، كالحاسوب، والهواتف النقالة، والفيديو، ونحوها.

2- للألعاب الإلكترونية إيجابيات وسلبيات، فمن إيجابياتها: تحفيز الذهن، وتنمية الذكاء، والتفاعل الإيجابي مع الآخرين، واستخدامها كوسيلة من وسائل التعليم.

ومن سلبياتها: ماتحتويه بعض الألعاب من مخالفات وانحرافات اعتقادية، ومخاطر سلوكية، وتنميتها للنزعات العدوانية، والإدمان الإلكتروني، إضافة إلى المخاطر الصحية الناشئة عن العكوف على هذه الألعاب.

3- أثبتت الدراسات العلمية أن للألعاب الإلكترونية دور كبير في التعليم، حيث تسهم في زيادة الاستيعاب وسرعة التعلم، إضافة إلى مافيها من إشباع لميل الأطفال الفطري إلى اللعب. واستخدامها كوسيلة تعليمية جائز بشرط خلوها من المخالفات والمحاذير الشرعية.

4- يجوز بيع الألعاب الإلكترونية وشراؤها وفتح حساب لها، بشرط أن يكون محتوى اللعبة مباحا، أما إن كانت اللعبة محرمة فيحرم ذلك؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه.

5- يجوز شراء الشخصيات والأسلحة الافتراضية في اللعبة؛ لأنه من باب بيع المنافع، وذلك جائز بشرط أن تكون المنفعة مباحة معلومة متقومة، أما لوكانت المنفعة مجهولة، فيحرم شراؤها، لما فيه من الجهالة والغرر الفاحش.

6- يجوز إجراء المسابقات في الألعاب الإلكترونية بعوض أو بدونه، وسواء أكان العوض من المتسابقين أو من أحدهما أو من غيرهما، بشرط أن تكون اللعبة مباحة، وأن تكون المسابقة هادفة تحقق مقصدا من المقاصد المعتبرة شرعا.

7- بيع وشراء بطاقات الألعاب الإلكترونية له حالتان:

الحالة الأولى: أن تحمل البطاقة رصيدا ماليا يمكن استخدامه في البيع والشراء، فيكون ذلك من باب الصرف، ويجوز- حينئذ- الشراء بنفس العملة الموجودة في البطاقة بشرط التماثل والتقابض في مجلس العقد، أما إن كان الشراء بعملة مختلفة عن العملة الموجودة في البطاقة فيجوز الشراء ولو متفاضلا بشرط التقابض في مجلس العقد، والقبض الحكمي في ذلك كالحقيقي.

الحالة الثانية: ألا تحمل البطاقة رصيدا ماليا، فيجوز بيعها وشراؤها بمثل قيمتها أو أقل أو أكثر؛ لأن من باب بيع المنافع، وليس من باب الصرف.

8- تجوز المتاجرة والتربح من خلال الألعاب الإلكترونية بشرط أن تكون اللعبة مباحة في ذاتها، وتحرم المتاجرة في الألعاب المحرمة، أما الألعاب المختلطة، فتجوز المتاجرة فيها بشرط أن يكون الحرام يسيرا تابعا غير مؤثر.

9- للألعاب الإلكترونية ضوابط شرعية من أهمها:

أولا: ألا تشتمل اللعبة على مخالفات اعتقادية.

ثانيا: ألا تشتمل اللعبة على مخالفات أخلاقية.

ثالثا: ألا تشتمل اللعبة على الميسر والقمار.

رابعا: ألا تؤدي إلى ترك واجب شرعي.

خامسا: ألا تؤدي إلى ضرر صحي.

سادسا: ألا توقع في الإدمان.

سابعا: ألا يكون فيها إسراف وتبذير للمال.

وتقدمت ببعض التوصيات والمقترحات النابعة من طبيعة هذا الموضوع، ومنها:

أولا: العمل على تأسيس مراكز أبحاث على مستوى العالم الإسلامي، لإجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالألعاب الإلكترونية، ووضع معايير لتلك الألعاب بما يتناسب مع دين وعادات وتقاليد المجتمعات المسلمة.

ثانيا: سن قانون شامل يضبط إنتاج وتسويق الألعاب الإلكترونية، وتكون من مهمته حماية حقوق الملكية الفكرية لبرمجيات الألعاب الإلكترونية، وإيقاع العقوبات الرادعة على كل من يصنع لعبة فيها تعد على الدين أو النفس أو الأخلاق والقيم.

ثالثا: القيام بمبادرات لتصميم ألعاب الكترونية تناسب الطفل المسلم، تتضمن عناصر الجذب والإثارة والتشويق، وتتوافق مع احتياجاته وتاريخه وتطلعاته.

رابعا: التوسع في استخدام الألعاب الإلكترونية في مجال التعليم، وتكثيف الدورات التدريبية للمعلمين في مجال استخدام الألعاب الإلكترونية في العملية التعليمية.

خامسا: العمل على زيادة المحتوى العربي في الألعاب الإلكترونية، سواء بإنتاج ألعاب الكترونية بلغة عربية خالصة، أو تعريب الألعاب النافعة إلى اللغة العربية.

سائلًا الله التوفيق والقبول، إنه أعظم مأمول وأكرم مسؤول..