7 ربيع أول, 1445
ذكر الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبدالرحمن السدحان – حفظه الله – في حديثه عن بعض المعالجين في بلدة ( القرائن )، ومن أشهرهم : عبدالعزيز بن عبدالله بن علي بن منيع ، ومن قصصه العجيبة ما ذكره بقوله :
“حدثني سليمان بن محمد بن صقر يوم السبت 2/12/1424هـ، قال: إن محمد بن عبدالعزيز العنقري كان وزيرًا للملك ، يشرفُ على سكنه في جُدَّة والطائف ، وقد مرض ، فأرسله الملك فيصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج ، فاستمرَّ مدة خاضعًا لعلاج الأطباء ، فلم تتحسَّن حالته الصحية ، فنُقِل إلى ألمانيا ، واستمرَّ يعالَج بها لدى الأطباء الاستشاريين ، لكنهم لم يستطيعوا تشخيص مرض العنقري ، فصاروا يناولونه مسكِّنات ومهدِّئات ، ويطعمونه عن طريق المغذِّي ؛ نظرًا لأنه كلما أكل رجَّع ، ولا يستقرُّ في بطنه شيء من الطعام ، وبعد مدّة أشاروا عليه أن يرجع إلى بلده ، وكتبوا له بعض الحبوب المسكِّنة، فرجع إلى جُدة ، وجلس بجانب أولاده ينتظر طارش الرحمن ( الموت )، فزاره عبدالله بن مهنا راعي وثيثيه.
وأشار على العنقري أن يسافر إلى عبدالعزيز بن منيع في القرائن ، يكشف عليه ؛ لعله يجد له علاجًا عن طريق الكَيِّ .
فقال محمد العنقري : إنَّ كبار الأطباء والاستشاريين عجزوا عن علاج هذا المرض ، وأذهبُ إلى رجل أميٍّ لا يعرف الطب ؟!
فقال ابن مهنا: ” حنَّا نبذل السبب ، لعل الله يشفيك عن طريقه ، ويده مبروكة “، فقال العنقري : المسافة بعيدة ولا أستطيع الجلوس في السيارة ، فقال له : نفرش لك فراشًا في السيارة وتنام عليه ، ولا كائن إلا الخير ، فوافق .
عندما وصلوا بلد القرائن ظهرًا جاؤوا إلى عبدالعزيز بن عبدالله بن علي بن المنيع في المسجد ، وطلبوا منه أن يكشف على المريض ، فقال: هل عليه خطر إذا تأخَّر بعد الصلاة ؟ قالوا: لا ، قال: فاذهبوا به إلى بيتي ، فهو مفتوح ، وبعد صلاة الظهر جاء إليهم ، وكشف على بطن المريض ، وسأله عن الألم الذي يحسُّ به ، وسأله عن أكله ، فأخبره أنه لا يأكل ، وإذا أكل رجَّع .
قال ابن علي : إن شاء الله ما فيك شرٌّ ، وأبشِّرك بالعافية ، أنت تحتاج إلى كي أربع مطارق ؛ أي : يكويه في أربعة مواضع من البطن ، ولكن بعد الكيِّ لا تسافر ، تبقى مدة ستة أيام لكي يستقرَّ الكيُّ في مكانه ، فلما انتهى من كيِّه ، أخذوا بيتًا في شقراء ، وجلسوا فيه ، فأعطوا المريض بعد العصر عصيرًا فشربه ولم يرجِّع ، ثم أعطوه حليبًا بعد المغرب فشَرِبه ولم يرجِّع ، وفي الصباح أعطوه شوربة فشَرِبها، واستمرَّ كل ما أعطوه من سوائل شربه ، وأحسَّ بالعافية ، فذهب ابن مهنا وأبرق إلى أهله في جُدَّة يُبشِّرهم أن حالة محمد العنقري متحسِّنة ، وفي اليوم التالي صار المريض يجلس على الأرض .
وعندما أمضى الأيام الستة التي حدَّدها لهم عبدالعزيز بن منيع ، تحسَّنت حالته الصحية ، فأرسل العنقري إلى عبدالعزيز بن منيع خمسة آلاف ريال جزاءً له على عمله ، فما كان من ابن منيع إلا أن ردَّ المبلغ ، وقال : سلِّموا لي عليه ، وقل له : يدعو لي ولوالدي بالجنة هذا الذي أبيه ( أريده ) منه .
ثم سافر العنقري إلى جدَّة ، وبعد عشرة أيام اتصل الملك فيصل ، وأخبره عن صحته ، وأنها تحسَّنت بعد رحمة الله عز وجل الشافي ثم بسبب رجل كواه ، فقال له الملك فيصل : إذًا سأصل إليك في البيت ، فقال له محمد العنقري ، إلاَّ أنا الذي سأذهب إليك ، قال : تستطيع ؟ قال : نعم، فجاء العنقري ، وقابله الملك فيصل ، واستبشر بعافيته ، وأخبر الملك بما حدث له ، فقال الملك : سبحان الله ! رجل ما درس ، وعَرَف المرض ، وكبار الأطباء عجزوا عن ذلك ؟!
فأخذ الملك فيصل التليفون ، واتصل بالطبيب الاستشاري في ألمانيا ، وقال : محمد العنقري يُسلِّم عليك ، قال : هل مات ؟ قال : لا بل هو طيِّب ، عالجه طبيب شعبي فبرأ من مرضه ، فدهش وتعجَّب الطبيب الاستشاري من هذا الخبر ، وقال : هل تعطوني تأشيرة دخول إلى المملكة ، فأقابل هذا الرجل ، فأتعلم منه كيف عرف المرض وعالجه ؟ فقال الملك : الرجل صالح ، وأنت لا تصلح له ، وهو لا يرغب في قدومك إليه ”
كتاب قيد الصيد
مؤلفه : محمد بن عبدالله العوشن