1 ربيع أولI, 1446
اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى فريقين:
الأول – ذهب جماهير الفقهاء إلى أن للمتضرر أن يطلب من القاضي فسخ النكاح بسبب الأمراض النفسية، أو العقلية، أو المعدية، أو المنفرة ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية، وبه قال عمر وابن عمر وابن عباس وأبو ثور[1].
جاء في شرح فتح القدير: ” لواحد من الزوجين خيار فسخ النكاح بعيب في الآخر كائنا من كان عند أبي حنيفة وأبي يوسف….. وعند محمد لا خيار للزوج بعيب في المرأة ولها هي الخيار بعيب فيه من الثلاثة الجنون، والجذام، والبرص.”[2]
وجاء في المدونة الكبرى: ” إن تزوج رجل امرأة فأصابها معيبة من أي العيوب يردها؟
قال مالك: يردها من الجنون، والجذام، والبرص، والعيب الذي في الفرج. “[3].
وجاء في بداية المجتهد: ” اختلف العلماء في موجب الخيار بالعيوب لكل واحد من الزوجين وذلك في موضعين أحدهما: هل يرد بالعيوب أو لا يرد؟ والموضع الثاني: إذا قلنا إنه يرد فمن أيها يرد وما حكم ذلك؟ فأما الموضع الأول فإن مالكا والشافعي وأصحابهما قالوا: العيوب توجب الخيار في الرد أو الإمساك، وقال أهل الظاهر: لا توجب خيار الرد والإمساك وهو قول عمر بن عبد العزيز، وسبب اختلافهم شيئان أحدهما: هل قول الصاحب حجة؟ والآخر: قياس النكاح في ذلك على البيع، فأما قول الصاحبي الوارد في ذلك فهو ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص وفي بعض الروايات أو قرن فلها صداقها كاملا وذلك غرم لزوجها على وليها، وأما القياس على البيع فإن القائلين بموجب الخيار للعيب في النكاح قالوا النكاح في ذلك شبيه بالبيع وقال المخالفون لهم ليس شبيها بالبيع لإجماع المسلمين على أنه لا يرد النكاح بكل عيب ويرد به البيع.
وأما الموضع الثاني في الرد بالعيوب فإنهم اختلفوا في أي العيوب يرد بها وفي أيها لا يرد وفي حكم الرد فاتفق مالك والشافعي على أن الرد يكون من أربعة عيوب الجنون والجذام والبرص وداء الفرج الذي يمنع الوطء إما قرن أو رتق في المرأة أو عنة في الرجل أو خصاء، واختلف أصحاب مالك في أربع في السواد والقرع وبخر الفرج وبخر الفم فقيل ترد بها وقيل لا ترد وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري لا ترد المرأة في النكاح إلا بعيبين فقط القرن والرتق “[4].
وجاء في المغني: ” خيار الفسخ يثبت لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه في الجملة. “[5]
واستدل الجمهور على رأيهم بما يلي:
أ – قوله تعالى: ﴿ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ