10 ربيع أول, 1446
بعد أن أنهيت بفضل الله كتاب 1000 رؤية في الاستراتيجيات العالمية أحببت أن استفيد منها وأطبقها في الأوقاف،
فلقد باتت الأوقاف الآن ضرورة لا غنى عنها _ كما كانت في الماضي _ في أي مجتمع يسعى للرقي والتميز في كل مجالات الحياة.
كما أنَّ القطاع الثالث – مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الغير ربحية – أصبح عليه مسئولية كبيرة لمساعدة المجتمعات في نهضتها والقيام بدورها في خدمة وتنمية المجتمع . فالقطاع الثالث هو الذي يسد -أو هكذا يفترض- النقص في القطاعين الحكومي والخاص، وهنا تبرز الأوقاف كأهم مصادر العمل الخيري ومفتاح استدامته وتواصله. ولذلك وجب دراسة التخطيط الاستراتيجي للأوقاف باعتبارها من أهم موارد خدمة و تنمية المجتمعات.
ويُعرف الوقف في اللغة بأنه الحبس والمنع والوقف مصدر وقف، والجمع أوقاف… يُقال : وقفت الدار وقفاً حبستها في سبيل الله . أما الوقف في الاصطلاح الشرعي فيعني” تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة “.
إنَّ الوقف يُعد صورة من صور التعاون على البر والتقوى ، ودعم للمرافق العامة التي تحتاج إليها المجتمعات ، ولا تقتصر أهميته وثمرته في الشعور بمنفعته في الدنيا ، وإنما تظهر بجلاء في دوام منفعته وثبات أجره للواقف حتى بعد وفاته، قال تعالى : { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ ؛ صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدْعو له» .
ولمَّا كان الحديث عن التخطيط الاستراتيجي لزم تعريفه وهو ناتج عملية التخطيط الاستراتيجي؛ فهي أداة للقيادة والإدارة وتعمل على توفير الإرشادات المطلوبة لتحقيق مهمة منظمتك ، وتحقيق أفضل مستوى من الفعالية والتأثير. وإذا كنت تريد أن تكون الخطة قصيرة وفعَّالة ومفيدة فيجب أن ترسم أهدافا محددة وتشرح الخطوات الإجرائية والموارد المالية وغيرها من الموارد الأخرى المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف.
وفي مجال الأوقاف فإنَّ التخطيط الاستراتيجي يساعد في تركيز جهود الجهات المعنية بالأوقاف، وأن يصبح لدى كافة القائمين عليها وضوحا لرؤيتها ومهمتها، باتجاه تحقيق نفس الأهداف. كما أن التخطيط الاستراتيجي يساعد في توقع ما ستكون عليه الأوقاف في المستقبل، وكيفية الوصول إلى ذلك. إضافة إلى ما سبق فإن التخطيط الاستراتيجي يعطي صورة شاملة عما تقوم به الأوقاف من أعمال وإلى أي طريق تتجه؟
ثم تنتقل مراحل التخطيط الاستراتيجي إلى المرحلة التالية ، وهي مرحلة السياسات والاجراءات اللازمة للانتقال من الوضع الحالي للوضع المأمول.
ويتحقق ذلك من خلال الدراسة المُتأنية للرؤية والرسالة والأهداف ، وهنا تكمن أهمية صياغة الأهداف التي تؤدي إلى تحقيق البدائل والاتجاهات الاستراتيجية من خلال صياغة أهداف محددة ، والأنشطة ، والمشروعات ، والنتائج المتوقعة من تنفيذ الخطة الاستراتيجية.
وحتى تتضح معالم التخطيط الاستراتيجي للأوقاف يجب أن نتناول عدة قضايا في هذا الشأن ، ومنها مثلا الاتجاهات المعاصرة المؤثرة على الأوقاف ، ويُقصد بها تلك العوامل والمتغيرات المعاصرة والتي يمكن أن تؤثر في الأوقاف والتي يمكن التوصل إليها من خلال المصادر الاتية :
البحوث والدراسات العلمية .
التقارير الرسمية الموثقة .
ورش العمل .
مجموعات التركيز .
ومن القضايا أيضا التي يجب أن تكون محل دراسة هي قضية التوجه الاستراتيجي للأوقاف ، أو بمعنى آخر ” رؤية القائمين على إعداد الاستراتيجية لما يجب أن تكون عليه الأوقاف” ، وذلك في ضوء ما تم تحديده من اتجاهات معاصرة مؤثرة على الأوقاف وما أفرزته ورش العمل ومجموعات التركيز والدراسات والأبحاث وغيرها من الأدوات المستخدمة في إعداد الرؤية.
ولعرض التوجهات الاستراتيجية يجب التركيز على عدة محاور وهي :
توضيح أهم المبررات التي تدعو إلى اختيار وتحديد كل توجه استراتيجي.
بيان العائد المتوقع نتيجة تحقيق هذا التوجه الاستراتيجي .
استعراض أهم المبادرات الاستراتيجية ، ويُقصد بها المهام والمسئوليات التي يجب الالتزام بها حتى الوصول إلى تحقيق الغايات.
وفي النهاية تضح أهمية الرؤية الاستراتيجية للأوقاف التي ينبغي بناؤها على الأسس العلمية التي تضمن الاستدامة ، و التي تعطي الأوقاف الميزة الأساسية من الاستدامة و الاستقلالية.
د. إبراهيم بن محمد الحجي
المشرف على أكاديمية الوقف
المصدر : http://waqfonline.net