8 جمادي أولI, 1446
التكبر .. علاماته وعلاجه
د. منصور السعيد| الثلاثاء 16 مارس 2021
لا يكاد يخلو أي إنسان من صفة تلازمه سلبية كانت أم إيجابية، يحاول الإنسان أن يخفي عاداته السلبية ولكنها في الأغلب لا تخفى على الآخرين، إذ يلحظونها في بعض تصرفاته وفلتات لسانه.
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
ومن أسوأ الصفات التي تجدها في البعض هي صفة التكبر أو التعالي أو الغطرسة أو الغرور وهي التي أخرجت إبليس من الجنة. “فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها” الآية، وفي الآية الأخرى، “إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين”. والأحاديث في ذم الكبر والتحذير من عواقبه كثيرة جدا، ومنها الحديث القدسي “العز إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني في واحد منهما عذبته”. وليس الكبر أن تلبس أجمل الثياب أو أن تمتع نفسك بملذات الدنيا المباحة فالله جميل يحب الجمال، وإنما الكبر كما عرفه خير البشر هو، “بطر الحق وغمط الناس”، أي رد الحق واحتقار الناس، فيرد الحق لأنه خالف هواه ويحتقر الناس بسبب شعوره بالفوقية. العامة يصفون المتكبر أنه “شايف نفسه!”، وهذه من علامات المتكبر الواضحة فهو يرى دائما أنه على حق وأن الآخرين على خطأ. يرى الناس صغارا في عينه وما علم أنهم يرونه صغيرا في أعينهم، يقول شاعرنا العربي:
وإني رأيت الضر أحسن منظرا
وأهون من مرأى صغير به كبر
ومن المهم علاج التكبر قبل استفحاله فهو كالمرض الجسدي إذا تمكن يصعب الخلاص منه، ولعلاج الكبر ينصح بالاستعاذة منه وتذكر العقاب المترتب عليه وما أصاب المتكبرين من ذلك سواء أفرادا أو أمما، وأن تقاوم مظاهره السلوكية بالتواضع من خلال مجالسة الفقراء والمساكين، وأن يحرص أن يقضي كثيرا من حاجاته بنفسه ليكسر شوكة التعالي التي بين جنبيه. وتشير الدراسات العلمية إلى أن المتكبر يكون أقل ذكاء وحكمة وتعقلا من المتواضع، مشيرة إلى أن عدم الأمان النفسي Emotional Insecurity يعد من أهم الأسباب النفسية للتكبر لأن الشعور بالنقص يقود إلى التكبر.
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيع.