8 جمادي أولI, 1446

زوجات مهملات يرضين بالأمر الواقع وخادمات متربصات يطالبن بالحقوق الزوجية كاملة

الشيخ علي جارالله عبود

أبها: نادية الفواز

زواج الخادمات خطر متعدد الوجوه، ومتشعب الأضرار، ولا يترك مجالا دون أن يُفسده. يهدد الأسرة في استقرارها، فتتحول من سكن ومودة ومحبة إلى تفكك، وتنافر، وصراع.
المخاطر تمتد إلى المجتمع كله، لتهدد أجياله الجديدة بثقافات غريبة وافدة تتعارض مع قيمنا وتقاليدنا وأخلاقنا.
تزايد حالات “زواج الخادمات” وضع كثيرين في قفص الاتهام. بعض الرجال يسيئون استخدام حقوقهم، فيتزوجون خادماتهم دون مبرر.
البعض الآخر “مفتون” بالخادمة صغيرة السن ولا يرى سبيلا لتحصين نفسه من “الفتنة” إلا بالزواج منها.
أما الزوجات فبعضهن تمردن على الأزواج.. والبعض الآخر تنازلن عن أدوارهن في رعاية الزوج والأبناء.
على جانب آخر من القضية يقف الشباب حائرين أمام غلاء المهور في الداخل ورخصها بالخارج.. مشتتين بين عادات وتقاليد صارمة في الداخل وتساهل كبير في الخارج.
وفي الوقت نفسه تواصل الخادمات غزوهن للأسر.. “عاملة” أولا.. ثم “زوجة” سرعان ما تطالب بكامل حقوقها، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل الزوجة الأولى وأبنائها.
فما أسباب تنامي تلك الظاهرة؟.. وإلى أي حد تتهدد الأسرة والمجتمع؟.. وكيف نواجه مخاطرها، لنحمي أجيالنا الجديدة؟ ونضمن تماسك المجتمع؟
أسئلة عديدة نحاول الإجابة عنها في هذا التحقيق.

يقول “س. م”: تزوجت من خادمتي، وبعد فترة علمت زوجتي الأولى بالموضوع، وحاولت عدة مرات أن تدفعني إلى طلاقها، وأمام إصراري على استمرار الزواج رضخت الزوجة للأمر الواقع.
ويضيف أن المثير في الأمر أن الخادمة هي التي لم ترض بالأمر الواقع، فعندما أيقنت أن الزوجة الأولى علمت بزواجي منها طالبت بالحقوق الزوجية كاملة من مبيت ونفقة وإنجاب أولاد، إضافة إلى رفضها العمل كخادمة لدى الزوجة الأولى؛ بل إنها طالبت بجزء من المنزل لتقيم فيه مع أولادها.
أما “هند. ع” فتلفت إلى أن كثيرا من الأزواج ساعدوا زوجاتهم على تسليم مهامهن للخادمة، حتى إن الزوج لم يعد يطلب من زوجته شيئا، فحتى كأس الماء ينادي الخادمة لتعطيه إياه، وإذا احتاج شيئا دخل المطبخ، وحادثها، وربما تبسم لها ومازحها.
تجربة عملية
الشاب “ع. خ” يحكي تجربة عملية تعرض لها في إحدى سفرياته لإندونيسيا. يقول: هالني العدد الكبير من “الكروت” التي وضعت في جيبي وحقيبتي، وتحمل أسماء وعناوين مكاتب خاصة بالزواج.
ويضيف أنه أصابه الفضول لمعرفة ما يقدمونه من خلال تلك المكاتب، فاتصل بأحد الأرقام المدونة على الكروت، فجاءه صوت رجل يتحدث اللغة العربية بطلاقة، وأخبره بأنه مستعد لتزويده بكل ما يريد خلال دقائق.
يُكمل “ع. خ” الحكاية بقوله: لم يمض على المكالمة سوى نصف الساعة، حتى حضر الرجل، وبصحبته مأذون، وشيخ كبير، وعجوز، وعشر فتيات.
ويضيف أن الرجل فاجأه بقوله: هؤلاء عشر فتيات، وعليك أن تختار منهن ما شئت حسب الشريعة، وسنقوم بعقد القران بعد دفعك المهر حسب نوعية الزوجة، فالبكر مهرها 300 دولار، والثيب 200 دولار، ومدة الزواج مفتوحة.
ويشير إلى أنه أنهى الموقف بزعم أنه متزوج من أربع نساء بالسعودية، وعندما يُطلّق واحدة منهن سيتصل به للبحث عن زوجة جديدة.
رجل ملتزم
“أبو يزيد” عايش قصة زواج أحد أقاربه من خادمته. يصفه بأنه رجل ملتزم، وزوجته مريضة نفسيا، ولديه ستة من الأولاد، فذهب إلى إندونيسيا، وتزوج فتاة من هناك، ثم عاد واستخرج لها تأشيرة خادمة.
ويشير إلى أنه بعد عدة أشهر اكتشفت زوجته الأولى علاقته بالخادمة، فما كان منه إلا أن أعلمها بأنها زوجته، فطلبت منه تطليقها، لأنها لا ترضى أن يقترن زوجها بالخادمة، لكنه لم يستجب لطلبها رغم إلحاحها، بل انتهى الأمر بطلاقها هي، وترك أولاده للخادمة، التي هي زوجته، لرعايتهم والقيام بشؤون البيت.
أما “م. ن” صاحب محل لاستقدام الخادمات، فيؤكد أنه يتيح للعميل أن يتزوج خادمته فترة بقائها عنده، لتحصين نفسه من الفتنة، وعدم بقاء امرأة غريبة في بيته دون محرم. ويوضّح أن أكثر من يقبل على ذلك هم “الملتزمون”، ليأخذوا راحتهم في بيوتهم، وحتى لا تُشكّل لهم الخادمة الضيق والحرج.
سهولة الزواج
أما الشاب عبد الرحمن فيتوقف أمام عدد من مشاهداته في إحدى رحلاته إلى “جاكرتا”. يقول: لفت نظري أن السعوديين “شبابا وكبارا” يُشكّلون نسبة كبيرة من ركاب الطائرة.
ويضيف أنه كان نادرا أن تجد مع أحدهم أسرته، أو أن تجد راكبا ذاهبا إلى إندونيسيا منفردا، فجميعهم يُشكّلون مجموعات تتراوح ما بين 3 و 8 أشخاص للمجموعة الواحدة.
ويُوضّح أنه حاول أن يتحدث معهم، فوجد حديثهم ينصب في معظمه على سهولة الزواج، ورخص المهر، الأمر الذي يجعل الشخص يتزوج خلال إقامته في إندونيسيا، وعند سفره يطلق الزوجة، أو يرسل لها ورقة الطلاق بعد عودته للمملكة.
تقاليد.. ومظاهر
ويعترف الشاب “س. ن” بأنه متزوج من فتاة أجنبية منذ فترة. يقول: ضقت ذرعا بالتقاليد القبلية التي لا تجيز للخاطب أن يرى خطيبته رغم أن ديننا الإسلامي أمرنا بذلك.
ويشير إلى المهور الغالية التي ترهق الشاب السعودي، والمجوهرات التي تصل أحيانا إلى 100 ألف ريال، ثم نظرة الفتاة السعودية إلى الحياة على أنها مجرد مظاهر وزينة وتفاخر، وحرصها المستمر بعد الزواج على تبديل مجوهراتها، وتجديدها مسايرة للموضة.
ويضاف إلى تلك الأسباب انعدام الثقافة الزوجية، خصوصا ما يتصل بالجانب العاطفي لدى الفتاة السعودية، الأمر الذي يكون له أثر سيئ بعد الزواج، وكذلك عدم أخذ موافقة الفتاة على زواجها من شاب معين، إما لأنه ابن عمها فهي محجوزة له، أو لأن الرأي بيد وليها والكلمة الأولى والأخيرة له.
شعور مؤلم
أم سعد العمري تقول: فوجئت جارتي بزوجها إمام المسجد يدخل عليها ومعه الخادمة الإندونيسية قائلا: هذه زوجتي الثانية، والشرع أحل لي أربعا.
وتضيف أنه رغم أن الرجل لديه أربعة أولاد من زوجته الأولى فقد خيّرها بين البقاء معه أو ترك الحياة الزوجية، وترك أولادها لتربيهم الخادمة.
وتقول: إن الزوجة الأولى خافت من أن تُحرم من أولادها، ورضيت بالأمر الواقع، وهي الآن تعيش مع الخادمة في منزل واحد.
وتشير إلى أنها سمعت العديد من قصص العلاقات بين الزوج والخادمة، خاصة عندما تكون المرأة عاملة، أما أن يتزوج الرجل خادمته فهذا يسبب شعورا مؤلما جدا لا تتحمله أي امرأة.
تمرد الزوجات
الشيخ علي جار الله عبود الداعية والمأذون الشرعي بخميس مشيط يجزم بأن هذه الظاهرة في ازدياد بالمجتمع السعودي.
ويرجع ذلك التزايد إلى أن البعض يفتقد الزوجة المهتمة بأمور الزوج الحياتية من إعداد الطعام في موعده وبانتظام، بالإضافة إلى رغبة الزوج في أن يجد من يهتم به، وبمظهره وملبسه، وغير ذلك من الأمور الحياتية.
ويلفت إلى أن العديد من الرجال يعانون من تمرد الزوجات، وعدم طاعتهن لأزواجهن، وخروجهن المتكرر من المنزل للزيارات والمناسبات، فيلجأ البعض للزواج من الخادمة، ليعوض النقص الذي يشعر به.
ويضيف أن بعض الأزواج يعاني من عدم تلبية الزوجة لحاجاته الجنسية التي أحلها الله تعالى بعقد الزواج.
تحجيم المخاطر
يتوقف جار الله أمام قضية مهمة بقوله: لا يمكننا أن ننكر دور السحر في بعض الزيجات عن طريق العقد والنفث والطلاسم والربط وغير ذلك من الأمور السحرية.
ويشير إلى أن بعض العاملات في المنازل يتعمدن عمل سحر لرب الأسرة أو أحد الأبناء رغبة في الحصول على المال، أو الانتقام من الكفيل، أو أحد أفراد الأسرة، كما أن للسفر خارج البلاد دورا كبيرا في الزواج من الخادمات، حيث تزيد النسبة عاما بعد عام.
ويُوضّح أن هناك حالات يُضطر فيها رب الأسرة إلى أن يتزوج من خادمة، خاصة إذا كان كبيرا في السن، ولم يجد من تقبله من السعوديات.
ويشير إلى أن بعضهن مستفيدات من الضمان الاجتماعي، وبمجرد زواجها ينقطع عنها الضمان، وهذه قضية نأمل من المسؤولين إعادة النظر فيها.
كما يشير إلى أهمية التوعية والتثقيف بمخاطر تلك الظاهرة، من خلال خطبة الجمعة، ووسائل الإعلام، حيث ينبغي التطرق لهذا الموضوع بكل شفافية، إضافة إلى سنّ قوانين تساعد على تحجيم ذلك الخطر.
فتاوى خاطئة
خالد معيض آل كاسيان المحاضر بكلية الشريعة بجامعة الملك خالد يجزم بأن الأصل في تشريع الزواج هو أن تنعم الأسرة بالدوام والاستقرار والسكن.. قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
ويُشدّد على أن بروز ظاهرة الزواج من الخادمات في المجتمع السعودي يرجع إلى أن بعض هؤلاء الخادمات صغيرات في السن، ويعملن دون حجاب، الأمر الذي يؤدي إلى فتنة الرجل بهن.
ويحذر من كثرة استخدام تلك الجنسيات للسحر والشعوذة. ويقول: عرفت العديد من القصص المحزنة التي تم فيها استخدام السحر، إضافة إلى أسباب أخرى، منها زواج كبار السن بهن بعد وفاة زوجاتهم، وعدم وجود من يقوم بخدمتهم.
ويلفت إلى أنه من الأسباب الخطيرة لحدوث مثل تلك الزيجات تلقي الفتوى الصادرة من غير أهل العلم الموثوق بهم بجواز زواج المتعة، أو الزواج بنية الطلاق، إضافة إلى غلاء المهور في المجتمع السعودي، ورخصها في تلك الدول.
ميثاق غليظ
ويُشدد آل كاسيان على ضرورة العودة إلى تعاليم الدين، وأخذ الفتاوى من أهل العلم الموثوق في علمهم ودينهم وورعهم، وتربية الأجيال الجديدة على الالتزام بالدين، وحسن الخلق، وتعظيم قيمة الزواج في نفوسهم، وبيان أن الله سبحانه وتعالى سماه “الميثاق الغليظ” فينبغي أن يكون الزواج لبناء الأسرة الصالحة، ودوامها واستقرارها، لا لمجرد المتعة، وقضاء الحاجة، ثم الفراق عند عدم الرغبة.
ويُطالب أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم بالتصدي لتلك الفتاوى التي تجيز زواج المتعة، أو الزواج بنية الطلاق، وأن يبينوا للناس حرمة ذلك، وما يترتب عليه من فساد.
ويدعو إلى تيسير أمور الزواج للشباب، بخفض المهور، وتشجيع تعدد الزوجات إذا كان بهدف ستر البنات لا المتعة المجردة.
ويؤكد ضرورة العمل على منع الاختلاط بالخادمات في البيوت، وحرص ربة البيت على أن تكون ملابس الخادمة ساترة كل جسدها، ومراعاة عدم الاحتكاك المباشر مع الرجل، درءا للفتنة والمفسدة.
إهمال الزوجة
أما الدكتور سعيد حمدان عميد مركز البحوث العلمية والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد فيجزم بأن وراء الظاهرة تلبية الخادمة جميع احتياجات الزوج، وتراجع قيام الزوجة بدورها الطبيعي في الاهتمام بالزوج، والعناية به، الأمر الذي يؤدي إلى تعلق الزوج وجدانيا وعاطفيا بالخادمة واستعداده للتأثر بها إلى حدّ الزواج بها.
ويضيف أنه من بين الأسباب أيضا العلاقة المباشرة والتواصل الدائم بين أفراد الأسرة والخادمة، ووجودها المستمر في المنزل، لتقوم بما يجب أن تقوم به الزوجة.
ويشير إلى إشباع الخادمة الحاجات الأساسية والضرورية للزوج وبقية أفراد الأسرة، في الوقت الذي تتقاعس فيه الزوجة عن القيام بهذه المهمة، الأمر الذي يدفع الأسرة إلى الثقة بالخادمة، وعدم الشعور بالأمان عند غيابها.
ويُوضّح أن الزوجة تساعد في تهيئة الفرصة للخادمة للحصول على هذه المكانة داخل المنزل عندما تتنازل عن واجباتها، لانشغالها بأمور أخرى خارج النطاق الأسري، الأمر الذي يجعل الخادمة عند الزوج في مركز مواز للزوجة الأصلية، وربما أفضل منها.

صراع قيمي
يُشدّد الدكتور سعيد حمدان عميد مركز البحوث العلمية والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد على أنه من أخطر الآثار السلبية لتلك القضية اهتزاز العلاقة بين أفراد الأسرة، نتيجة دخول فرد أجنبي في النطاق الأسري، وزيادة التوتر في صفوفها، واحتلال الخادمة مكان الزوجة الأصلية، وقيامها بدور الأم “البديلة” للأبناء في حالة الطلاق، أو الانفصال بين الزوجين.
ويحذر من تزايد حدة الصراع القيمي داخل المجتمع نتيجة الزواج من الخادمات اللاتي لهن أدوار محددة لا تخرج عن نطاق الخدمة.
ويلفت إلى محاولة الخادمات تقليد بعضهن البعض، للظفر بأرباب الأسر كأزواج لهن.. وفي الوقت نفسه تتزايد ظاهرة العنوسة في المجتمع السعودي.
ويقول: إن الإقبال على الزواج من الأجنبيات، وتدخلهن في التنشئة الاجتماعية للأبناء يؤثر سلبا على تواصلهم الفكري، ويؤدي إلى انتقال أنماط ثقافة مجتمعية غريبة إلى مجتمعنا على المدى البعيد، الأمر الذي يؤثر على ثقافة الأطفال نتيجة تأثرها بثقافة الخادمات التي تختلف كليا عن ثقافة الأسرة، ومن ثم يعرقل نقل التراث الوطني إلى الأجيال الجديدة، ويمسخ الهوية الوطنية على المدى البعيد.
برامج إرشادية
ويدعو الدكتور حمدان إلى توعية أفراد الأسرة، لتفادي الآثار السلبية لاستخدام العمالة المنزلية الأجنبية، وذلك من خلال برامج توجيهية وإرشادية تقوم بتنفيذها الباحثات الاجتماعيات ذوات العلاقة بشؤون الأسرة في مراكز التنمية الأسرية في المجتمع.
ويؤكد أهمية الدور التوعوي لمؤسسات المجتمع المختلفة، وخاصة وسائل الإعلام، وخطباء المساجد، للتنبيه إلى مساوئ تلك الظاهرة، وتحديد المهام التي يجب أن تؤديها الخادمة بما يمنع تجاوزها أدوار أفراد الأسرة.
ويُشدد على ضرورة تنمية الوعي لدى الفتيات بقيمة العمل المنزلي، وأهمية الاعتماد على الذات في القيام بالواجبات المنزلية، والرعاية الأسرية للزوج، وبقية أفراد الأسرة، من خلال تضمين هذه القيم في المقررات المدرسية والبرامج التعليمية.
ويلفت إلى أهمية إيجاد القطاع الخاص بدائل تحد من استخدام الخادمات، مثل إنشاء دور حضانة ورياض أطفال في المؤسسات التي تعمل بها النساء، ووضع ضوابط وأنظمة تحد من ظاهرة استقدام الخادمات، بالتأكد من حاجة الأسرة الفعلية إليهن، كخروج المرأة للعمل، أو مرضها، أو وجود كبار في السن أو معاقين، مع الأخذ في الاعتبار مستوى الدخل الأسري.
“تعليلات”.. متكررة
الشيخ محمد سعد الشهراني إمام وخطيب جامع النور بخميس مشيط يقول: إن الزواج من العاملات المنزليات له علاقة وطيدة بالزواج من غير السعوديات عامة، ذلك أن “التعليلات” التي يروّجها الأزواج في جميع الحالات واحدة ومتكررة.
ويشير إلى أن أهم تلك التعليلات انخفاض تكلفة الزواج، وسهولة العادات والأعراف المتعلقة بطريقة الزواج، واعتقاد أن الأجنبية أكثر صبرا وتحملا لظروف الحياة، والرغبة في البحث عن نمط اجتماعي جديد.
ويضيف أنه من تلك التعليلات أيضا دعوى الحصول على زوجة بصفات معينة من حسن وجمال واعتدال قامة، حيث تتحقق الحرية في الاختيار، ورؤية الفتاة، والجلوس معها قبل الزواج، وهو ما يحرمه ديننا، وترفضه عاداتنا وتقاليدنا، وتبيحه معظم العادات والتقاليد الأجنبية، مما يجعل الشاب يقرر بنفسه وليس بقرار أمه وأخته أو الخاطبة.
خطأ فادح
ويتوقف الشيخ محمد سعد الشهراني أمام قضية مهمة بقوله: إن دراسات قدمتها وزارة الداخلية أوضحت أن هناك خطأ فادحا يقع فيه الشخص عندما يظن أن الزواج من غير السعودية أقل تكلفة.
ويُشدد على أن الشخص يستسهل في الزواج إلا أن التكاليف تتزايد شيئا فشيئا حتى يصل مقدار الصداق لغير السعودية إلى قيمته في المملكة.
ويؤكد أن معظم الأسر تشترط منزلا أوسكنا خاصا، وتذاكر سنوية، وهدايا، وأحيانا إجازة نصف سنوية لها ولأولادها، إضافة إلى قائمة إعانات لأهل الزوجة.
ويُحذر من الوقوع في مصيدة تناقض العادات والتقاليد والقيم، والنظم الاجتماعية، والقوانين والأنظمة والمذاهب المختلفة.
ويوضّح أن الزواج المتكافئ والمتناغم بين الطرفين ماديا واجتماعيا وتعليميا وقيميا هو الناجح، بينما كثير من الزواج من غير السعوديات محكوم عليه بالفشل، بسبب المستويات الاجتماعية والتعليمية والمادية المتدنية.
ويجزم بأن معظم الزيجات من غير السعوديات مبنية على مصلحة ظرفية لكلا الطرفين، فالزوج يريد المتعة الوقتية بأرخص ثمن، أما الطرف الأخر فيرى في هذا الزواج فرصة وصيدا ثمينا، مبينا أن الزواج من العاملة المنزلية يكون أشد ضررا.

سحر وشعوذة
عبد اللطيف الغامدي مدير مكتب مكافحة التسول ومتابعة شؤون العاملات في منطقة عسير يؤكد أن نسبة وجود الخدم في السعودية بدأت تتزايد في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن العديد من المؤسسات الحكومية تجتهد لإبراز سلبيات تلك العمالة، ومخاطرها على المجتمع، ووسائل معالجتها للتقليل من الاعتماد عليها.
ويُحذّر من آثار الخادمات على الأطفال والمراهقين، خاصة إذا كانت الخادمة غير مسلمة. ويقول: إن دور الوالدين كبير في مراقبة الخادمة، وتحديد دورها ومهامها في المنزل.
ويُشدد على أن أخطر الآثار السلبية فتنة الإغواء لكلا الطرفين، إضافة إلى السحر والشعوذة، وإيقاع الضرر بالكفلاء، والإضرار بممتلكات أهل البيت والوقوع في جرائم عديدة تصل إلى حد القتل المروع.
ويُحذر من تأثير وجود الخدم على التكوين الأسري، خاصة بالنسبة للأبناء، وحياتهم، ولغتهم، وثقافتهم، إضافة إلى التقليل من أداور أفراد الأسرة، وتصدر الخادمة جميع الأدوار، الأمر الذي يؤدي إلى أسرة مفككة وغير مستقرة، وانتشار ظاهرة الاتكالية في الأسرة والمجتمع، وارتباط أفراد الأسرة بالخدم.
ويوضح أن التكلفة المادية التي حددتها الدراسات الخاصة بالخادمة تتراوح بين 38 ألف ريال و48 ألف ريال في العام الواحد.
ويضيف أن مكاتب الاستقدام لا تتحرى الدقة في الأعمال والتخصصات ونوع الخدمة، وتستقدم عمالة غير مؤهلة، إضافة إلى التزوير في الأسماء، والديانات، ووثائق السفر.
ويقول: إن مشكلات الخدم أصبحت كالشر الذي لابد منه، الأمر الذي يستلزم وضع شروط جزائية رادعة لمكاتب الاستقدام، حين لا يكون هناك تلاعب أو مخالفات

المصدر:

صحيفة الوطن السعودية
السبت 29 ذو الحجة 1429هـ الموافق 27 ديسمبر 2008م العدد (3011) السنة التاسعة