21 شوال, 1446

ما من إنسان إلا وله عادة يعتاد عليها بين الحين والآخر سواء أكانت تلك العادة حسنة أم سيئة، فمن اعتاد على أمر حسن فهنيئا له وليعض عليه بالنواجذ، كالصدقة أو الابتسامة أو بر الوالدين ونحو ذلك، أما من ابتلي بعادة سيئة فنعم قد يصعب عليه تركها أول الأمر، لكن عليه أن يجاهد نفسه ولا ييأس حين يفشل في المرة الأولى أو الثانية، وعليه استمرار المحاولة وتحري أسباب نجاحها، وحينها سيتمكن من التخلص منها – بإذن الله. ومن العادات السيئة التي نلحظها في بعض الناس عادة “البحلقة”، ويقصد بها إطالة النظر بتعمد من شخص إلى آخر، سواء كانت نظرة إعجاب أو حسد أو انتقاص أو مجرد “لقافة”! وتسمى هذه أحيانا بـ”الحملقة” أو “التحديق”، وهي عادة لا تقتصر على جنس دون جنس أو عمر دون عمر أو على شعب دون آخر مع ربما اختلاف في درجتها! تقف عند إشارة المرور الضوئية فتتفاجأ بأحد المبحلقين، وقد سلط أشعته عليك أو على من معك في السيارة مع قدرة عجيبة على اختراق التظليل، وكأنه يريد أن يرسم لوحة فنية لتقاسيم وجوهكم! تكون في مكان عام يغص بالمنتظرين كصالات المطارات أو الفنادق فيأخذك العجب من أناس لا هم لهم سوى البحلقة دونما مراعاة لشعور الآخرين، ألم يقرأ أولئك قول الحق – سبحانه -: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم».. الآية”. ألم يدركوا أن غض البصر هو أدب للنفس واستعلاء على الرغبات وإغلاق لنوافذ الشر، يقول شاعرنا العربي:
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها
كمبلغ السهم بين القوس والوتر
ويقول الآخر:
يا باعث الطرف يرتاد الشفاء له
احبس رسولك لا يأتيك بالعطب
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا
أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
وأخيرا، فإني أدعو أقسام ومراكز الدراسات الاجتماعية في جامعاتنا، إلى الالتفات لهذه الظاهرة ودراستها دراسة منهجية يمكن من خلالها تقديم الحلول المناسبة، وذلك على الرغم من أن هذه الظاهرة، ولله الحمد، آخذة في التناقص بفضل الأجهزة الذكية التي جعلت البحلقة تتحول من إنسان لإنسان لتصبح بين إنسان وجهاز، حمانا الله واياكم وكفانا شر المبحلقين والمبحلقات.