10 ربيع أول, 1446

عدل الله المطلق

مقال شديد الروعة للدكتور مصطفى محمود ( رحمه الله) إقرأوه حتي النهاية فكل كلمه فيه تستحق التفكر !

“الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.

وساكن الزمالك الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتليفزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم والسكر والضغط.

والمليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس والأرق والقلق.

والذي أعطاه الله الصحة والمال والزوجة الجميلة لا يعرف طعم الراحة .

والرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء وانتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه وخضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار

وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات .

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق .

وبرغم غنى الأغنياء وفقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة والشقاء الدنيوي متقارب ، فالله يأخذ بقدر ما يعطي ، ويعوض بقدر ما يحرم ، وييسر بقدر ما يعسر .

ولو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه ، ولرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية و لما شعر بحسد ولا بحقد ولا بزهو ولا بغرور .

إنما هذه القصور والجواهر والحلي واللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب ، وفي داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات والآهات الملتاعة .

والحاسدون والحاقدون والمغترون والفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق .

‏اللهم ارزقنا القناعة والرضا بما قسمت لنا في الدنيا
‏فلا نغتر إن أصبناها
ولا نحزن إن فاتتنا
‏واجعل همنا الآخرة
‏واهدنا لما فيه رضاك وخيرنا .