1 ربيع أولI, 1446

من ثمرات المناقشات العلمية، وفوائدها التربوية!

بقلم : أد / محمد إبراهيم العشماوي.
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر.

1- على الباحث أن يثبت جميع الدراسات السابقة، ويعد مقصرا إن ترك منها شيئا، وعليه أن يبين أوجه التشابه والفرق بينها وبين دراسته.

2- أن هناك فرقا بين الماجستير والدكتوراه من حيث الموضوعات وطريقة معالجتها وأسلوب التعبير عنها، ويغتفر في الماجستير ما لا يغتفر في الدكتوراه.

3- إن لم يستطع الباحث التعبير بقلمه وفكره؛ فما زال في حاجة إلى المزيد من التعلم، واستعجاله المناقشة قبل الوصول إلى هذه المرحلة: يعرضه للخطر.

وأكثر الباحثين تعوزهم العبارة؛ لقلة قراءتهم في كتب الأدب، وكذلك تقصر معالجتهم للفكرة؛ لقصور اطلاعهم على مصادر العلم المختلفة.

4- من أشد العيب أن يكون الطالب متميزا في العلم، ولا يجيد النحو واللغة، فتذهب سيئاته بحسناته؛ لأنهما زينة الكلام!

5- بعض الأساتذة الذين أعيروا إلى الخارج أشرفوا على رسائل هناك أو ناقشوها، ولما عادوا إلى مصر اقترحوا على الباحثين هنا ذات الموضوعات، فأوقعوهم في شر أعمالهم.

6- إذا كان المشرفان على الرسالة كلاهما استاذ؛ فلا ينبغي أن يقال لأحدهما أصلي وللآخر مشارك، بل يقال لكل منهما مشرف فحسب.

7- إلمام باحث الحديث بالعلوم الأخرى المتشابكة؛ مما لا بد منه، ومما يجعله متميزا على أقرانه، والتقصير في ذلك مدعاة إلى اللوم والتعيير والتوبيخ.

8- مما يجب شرعا وقانونا ومروءة أن نفاوت بين الباحثين في الدرجات، بحسب الجهد المبذول، والاستجابة لتوجيهات المشرف، ومميزات الباحث.

9- لا ارتباط إطلاقا بين اسم المشرف وتقدير الباحث، بل الرابط بينهما بذل المشرف الجهد في توجيه الباحث، ورعاية الأمانة، فإن فرط في هذه الأمانة فهو خائن، ولا ينبغي له المطالبة بتقدير الباحث، تقديرا لاسمه، بل عليه أن يخجل من ذلك، ويخجل من نفسه: لأنه ضيع الباحث، وكذلك إذا قصر الباحث في الأخذ بتوجيهات مشرفه الجادة؛ فلا يلومن إلا نفسه.

10- على الباحث أن يكون أمينا مع نفسه، فلا يشكر مشرفا أهمله، وضيعه، بل عليه أن يشكر من تعب معه فقط، وإلا كان الباحث منافقا كاذبا!

وعليه أيضا أن يقتصر في البيان على المجاملة المهذبة غير الكاذبة، فبعضهم يثني على بعض الأساتذة وكأنه يثني على الإمام الشافعي، مع أنه مسكين لا حول له ولا قوة، وقد يكون من المشهود لهم بالضعف في التخصص!

وإذا استمر الوضع على هذا الحال فسنرى جيوشا جرارة من المنافقين، وسيلتها النفاق للوصول إلى أغراضها.

ويجب على الأستاذ أن يسكت الباحث إذا رآه يكذب في الثناء عليه؛ إن كان صادقا مع الله ومع نفسه!

11- الأستاذ الذي يحترم نفسه سيحظى باحترام الجميع بلا شك، وسيكون مسموع الكلمة، نافذ الحكم في كل معترك، وإلا فهو تابع خاضع.

12- يجب منع الأساتذة المعروفين بالتساهل والتسوية بين جميع الباحثين؛ من اعتلاء منصة المناقشات، وإلا فنحن نهدم بيوتنا بأيدينا.

13- لوحظ ميل الباحثين إلى الأساتذة المتساهلين وإعجابهم الشديد بهم، في مقابل نفور ظاهر من الأساتذة الجادين، ولا يفعل هذا إلا باحث فوضوي، هش، كسول، لا يحب العلم، ولا يسعى إلى تحصيله، والشيء يميل إلى جنسه، وشبه الشيء منجذب إليه!

14- على الباحث إن نقل عبارة فيها إشكال؛ أن يبذل جهده في حل إشكالها، وإلا حذفها لأنه سيطالب ببيان المراد منها!

15- وضع الباحث نفسه في قوالب العلماء الكبار، حتى يظهر ذلك في أسلوبه وطريقة عرضه؛ من أشد ما يعاب به؛ لأن لكل مرحلة عمرية وبحثية خصائص، لا ينبغي تجاوزها، وكل من استعجل وحرق المراحل؛ فقد عرض نفسه للسخرية والفشل!

16- كثرة التناقض في كلام الباحث يعني أنه ناقل غير واع، وغير مؤمن بما يكتب؛ لأن المؤمن بشيء، المتقن له؛ لا يتناقض فيه!

17- تحرير النقول، والرجوع إلى المنقول في مظانه، وتقويم النصوص، وتقييمها، وعدم الاكتفاء بالنقل؛ مما يتميز به الباحث المبدع!

18- لا ينبغي للجنة المناقشة والحكم أن تضع في اعتبارها غير عمل الباحث وجهده، فلو حضر كبار المسؤولين من أقارب الباحث ومعارفه؛ فيجب ألا يؤخذ هذا في الاعتبار، بل يجب أن ينحى جانبا!

19- لا ينبغي لأستاذ يجلس على المنصة أن يقاطع زميله إلا في مسألة علمية، ويجري الحوار فيها بينهما بأدب، أما الأمور الشخصية فلا ينبغي له أن يتدخل فيها، وإلا عرض نفسه للإحراج!

20- اعتماد الباحث على مصادر بالوساطة، ونقله عنها كأنه هو المطلع عليها؛ هو من قبيل التدليس في العزو، وهو يعرض صاحبه للوصم بعدم الأمانة!

كما أنه لا ينبغي أن يذكر من المصادر إلا ما رجع إليه بالفعل، ورآه بنفسه، وبعض الباحثين يفعل ذلك تكثرا!

كما أن فقر الرسالة من المراجع – رغم كثرة المراجع في بابها – مما يدل على فقر الباحث، وغناها مما يدل على غناه!

21- لا بد للباحث في الحديث الشريف وعلومه أن يتحرر من سلطان التقليد، ويتجه إلى التجديد، ويقبح به جدا أن يكتب في موضوع له صلة بالفقه وأصوله، ولا يعرف عن هذين العلمين شيئا، وكذلك في كل علم من علوم الحديث.

22- علاقة الباحث بربه؛ لها أثر عظيم في تعطيف قلوب أعضاء اللجنة عليه، والعكس بالعكس، وهذا من الأسباب الروحية الخفية فيما يجري للباحث أثناء المناقشة من خير أو شر، أو نفع أو ضر، ولكن أكثر الباحثين لا يعلمون!