16 رمضان, 1446
*◄بعـض الفــوائـــــد المنتقــاة مـن درس فضيلــة الشيـخ* *أ.د.سعــد بــن تـركـي الخثـــلان – وفقه الله*
*في كتابه لطائف* *الفوائد وشرحه لقواعد ابن سعدي – رحمه الله*
*الإثنين ٥-٤-١٤٤١هــ*
*(الـدرس الـرابــع عشــر)*
تتأكد الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة
فعن أوس – رضي الله عنه – قال: قال ﷺ:
(إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي)
ذكر النووي أن العلماء نصوا على كراهة الإقتصار على الصلاة على النبي من غير تسليم ، لأن الله قد أمرنا بهما جميعا فقال: {صلوا عليه وسلموا تسليماً)..
فيقال: اللهم صل وسلم على رسولك محمد وهذا خارج الصلاة ، أما داخل الصلاة يُصلى عليه بالصلاة الإبراهيمية..
كان الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – يصلي على النبي – صلى الله عليه وسلم – في اليوم والليلة عشرة آلاف مرة ، لأنه يعلم عظم أجر الصلاة على النبي – عليه الصلاة والسلام..
ابن تيمية: كان لأُبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه فسأل النبي ﷺ هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه؟ – كما عند الترمذي بسند صحيح-
إلى أن قال أجعل لك صلاتي كلها أي أجعل دعائي كله صلاة عليك..
قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك..
لأن من صلى على النبي ﷺ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه..
عن عبدالله بن بسر – رضي الله عنه أن رجلا قال: يارسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به..
فقال – صلى الله عليه وسلم: “لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله”
(اخرجه الترمذي بسند صحيح.
شبّه النبي – صلى الله عليه وسلم الذي يذكر الله والذي لا يذكره بالحي والميت..
فعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم:
«مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه ، مثل الحي والميت»..
عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: قال النبي ﷺ:
(ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟)
قالوا: بلى..
قال: (ذكر الله تعالى)..
(أخرجه الترمذي بسند صحيح)
هلاّ تأملت هذا الحديث؟!
عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أن رسول الله ﷺ قال (أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟)
قالوا يا رسول الله كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: (يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة ، أو يحط عنه ألف خطيئة)
(أخرجه مسلم)
قال النبي ﷺ لوحشي قاتل عمه حمزة: (هل تستطيع ان تغيب وجهك عني؟)
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله:
وفيه أن المرء يكره أن يرى من أوصل إلى قريبه أو صديقه أذى ، ولا يلزم من ذلك وقوع الهجرة المنهية بينهما ، وفيه أن الإسلام يهدم ما قبله..
(الفتح)
فالشريعة تراعي المشاعر فسمح للمرأة الإحداد لغير زوجها لثلاثة أيام ، كذلك الهجر لأجل الدنيا لثلاثة أيام..
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إذا خرج الرجل من بيته ، فقال بسم الله توكلت على الله ، لا حول ولا قوة الا بالله ، قال: يقال حينئذ: هديت ، وكفيت ، ووقيت ، فتنحى له الشيطان ،
فيقول شيطان لآخر:
كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي..
(أخرجه أبو داود في السنن بسند صحيح)
أما حديث اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أزل…الخ..
في سنده مقال..
حديث “اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة”
(رواه ابوداود وهو ضعيف من جهة الإسناد)
لكن دلت السنة كما في الصحيحين أن خراب الكعبة على يد ذي السويقتين وهو أسود أفحج ساقاه فيها خمش
ينقض الكعبة حجر حجرا وهذا في آخر الزمان بعد نزول عيسى وقتل الدجال وهلاك يأجوج ومأجوج
فتأتي ريح طيبة فتقبض من كان في قلبه إيمان ولا يبقَ إلا شرار الخلق فيرفع القرآن وتهدم الكعبة ذكره ابن كثير ، وهذا الذي تدل عليه مجموع الروايات..
————————————-
*القاعدة السابعة والخمسون:*
يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم مهما أمكن
في العقود ، والفسوخ ، والإقرارات ، وغيرها
وذلك أن الأقوال داخلة في الأعمال ، فتدخل في قوله ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات”
أما ما يتعلق بالإنسان بنفسه ، فهذا ليس فيه استثناء ، بل إن العبرة بما نواه لا بما لفظ به..
فإذا تعارض النية واللفظ فالنية مقدمة إجماعا..
لو قال رجل لزوجته الحقي بأهلك..
فإن نوى الطلاق يقع..
وإن لم ينو الطلاق لم يقع..
لأن هذا اللفظ من كنايات الطلاق يُرجع فيه إلى النية..
من نوى الإفراد أو التمتع أو القران ولم يتلفظ فإن النية تنعقد ويصح حجه..
*القاعدة الثامنة والخمسون:*
الحكم يدور مع علته ثبوتاً وعدماً
وهذه قاعدة عظيمة واسعة تحيط أو تكاد تحيط بجميع الأحكام الشرعية ، وعلة الحكم هي الحكمة في الأمر به ، أو النهي عنه ،
أو إباحته ، والله تعالى حكيم له الحكمة في كل ما شرعه لعباده من الأحكام..
مثال:
زكاة الفطر في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم- تكون من الشعير لأنه كان قوتاً..
أما في وقتنا الحاضر لا يجزئ إخراج الشعير لأنه لم يعد قوتا في بلادنا مثلا ، أما إذا وجد في بعض البلدان لا يزال قوتا عندهم فيجوز إخراجه للقاعدة..
مثال:
لما سئل النبي عن الهرة قال إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات..
فذكر أن سؤر الهرة طاهر وعلل لذلك بأنها من الطوافين والطوافات..
*القاعدة التاسعة والخمسون:*
النكرة في سياق النفي ، أو النهي ، أو الشرط تفيد العموم
مثل: {لا تجعل مع الله إلها آخر}
وقوله تعالى: {هل تعلم له سميا}
ومثل قولك: ما رأيت أحداً..
مثال قول النبي – صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر)
فالأصل في المسابقات التحريم لهذا الدليل..
*القاعدة الستون:*
من ، وما ، وألـ ، وأي ، ومتى ، يدل كل واحد منها على العموم ، وكذلك المفرد المضاف يدل على العموم
إذا قال: زوجتي طالق ، وعبدي حر ، وله متعدد من زوجات وعبيد ولم ينو معيناً ولا مبهماً شمل الزوجات كلهن والعبيد كلهم ، لأنه مفرد مضاف ، فيدل على العموم..
ومثال ذلك في الأحكام: إذا قال: من عمل هذا العمل ، أو أي أحد عمله ، أو متى عملته أو العامل له ، له كذا أو كذا ، فأي أحد عمله استحق ذلك..