21 رمضان, 1446
حكم الإشتراك في باقة من باقات الاتصالات لمدة محدددة ، مع منح المشترك جوالاً .
وحكم الجمع بين عقد الإجارة – بيع منافع أبراج الاتصالات لمدة معينة – وبيع جوال بالتقسيط في عقد واحد .
——–
هذه المعاملة جائزة ، لا تحتوى على محظور شرعي في الظاهر .
وذلك لأن الأصل في المعاملات الحل حتى تثبت الحرمة لوجود محظور شرعي فيها .
١ – فإن قيل : المحظور الشرعي في الصورة
– المسألة – الأولى : الجمع بين عقد معاوضة ، وعقد تبرع ، فيكون ذلك محظوراً ، لحديث ( نهى عن سلف وبيع ).
والجواب : أن بهذا قال جمع من الفقهاء، للحديث السابق، وفيه نظر : لأن الأصل في الأحكام الشرعية : التعليل .
والعلة ليست هي الجمع بين المعاوضة والتبرع في عقد واحد ، وإنما العلة في النهي عن الجمع بين السلف والبيع : هي أنه من القرض الذي جرّ نفعاً، وكل قرض جرّ نفعاً، فهو محرم بالإجماع ،
٢ – فإن قيل المحظور : هو زيادة قيمة الإجارة التي تثبت في ذمته ديناً بعد استفاء منفعة تلك الأبراج من أجل الحصول على الجوال تبرعاً من تلك الشركة ، فيكون ذلك من باب زد وتأجل .
زد في الثمن – ثمن الباقة لمدة أربع وعشرين شهراً – ، وتؤجل في تأخير مديونية السداد فيكون مؤجلاً بعد استيفاء المنفعة ، لا حالاً عند إبرام العقد .
بحيث تكون الشركة زادت في قيمة المنفعة خلال تلك الفترة ، وأخرت عنك السداد عن وقت إبرام العقد إلى نهاية استيفاء المنفعة .
ومنحتك الجوال تشجيعاً على إبرام هذا العقد .
والجواب : على فرض وجود الزيادة ، فهي زيادة على سلعة أو عين يجوز الزيادة في رفع سعرها من أجل كون ثمنها نسيئة ، كبيع سيارة بثمانين مؤجلة إلى سنة ، مع أن سعرها في الحال بستين ، فلا يدخل ذلك في الربا أصلاً، وإنما هو من البيع ، وقد قال تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا ).
ثم إن الجوال وإن سمي هبة ، فهو في حقيقة الأمر معاوضة ، فيكون ثمن الجوال داخل في تأجير تلك المنفعة مشاعاً . فكأنه اشترى جوالاً وعقد عقد إجارة – بيع منافع – في عقد واحد .
وعلى فرض زيادة قيمة الإجارة من أجل الحصول على غرض – وهو تملك الجوال – لا محظور فيه شرعاً ، جائز .
٣ – فإن قيل المحظور فيه :
– في المسألة الثانية – : الجمع بين عقد الإجارة والبيع في آن واحد ، وكلاهما يختلفان فيما يترتب عليهما في الضمان .
فالجواب : أن المحظور في الجمع بينهما ما إذا كان ذلك في وقت واحد على شيء معين ، فهما متناقضان في الضمان، أما إذا كان على شيئين ، أو وقتين مختلفين فلا تناقض والحالة تلك .
٤ – فإن قيل : المحظور فيه : الجمع بين عقدين في إن واحد، فيدخل في حديث ( نهى عن بيعتين في بيعة ) .
فالجواب : أن هذا عقد واحد ، لا عقدين ، فلا يدخل في بيعتين في بيعة .
وعلى فرض ذلك : فإن النهي في بيعتين في بيعة، ما كان في اجتماعهما محظوراً شرعياً، كبيع العينة، وبيع الشيء بقيمة نسيئة وقيمة مؤجلة، بلا تحديد المراد منهما في العقد ، ونحو ذلك، وأما ما لا حظور فيه فلا بأس، فما جاز منفرداً جاز مجموعاً إلا ما دلّ الدليل على عدم جوازه .
٥ – فإن قيل : إن هذا من جنس البيع والشرط، وفِي الحديث ( نهى عن بيع وشرط).
فالجواب : أن الحديث لا يثبت صحيحاً.
وعلى فرض ثبوته ، فالمراد : ما احتوى بالشرط محظوراً شرعياً، نظير ( لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع ..) فالمراد بالشرطان في البيع: ما احتوى بسببهما على المحظور الشرعي.
والله تعالى أعلم .
@ علماً بأن من غلب على ظنه استخدام المباح – كالجوال ونحوه – في حرام ، فبيعه له حرام، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان ، لقوله تعالى ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).
وقد تقدم بيان ذلك في القواعد .
والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .