27 رمضان, 1446

حكم عملة ألبيتيكون :

عملة افتراضية رقمية ، منتجة بواسطة برامج حاسوبية،غير خاضعة لبنك مركزي، أو إدارة رسمية دولية، يتم استخدامها عبر النت في البيع والشراء والتحويل لعملات أخرى ، وتلقى قبولاً اختيارياً لدى المتعاملين بها .

– فهي عملية رقمية مخزنة في محافظ في النت يتوصل لها عن طريق أجهزة الحاسب الآلي . يعتمد على شبكة غير مركزية ، يتم تخزين أي عملية تحويل فيها ،يجعل المسؤولية والرقابة على التحويلات لكل مستخدم لهذه الشبكة وليست سلطة واحدة مركزية ، وتحتاج إلى قوة حاسوبية لتعمل بشكل سليم .

قيل بعدم الجواز ، للأدلة التالية :
١ – ليس لها نظام أو بنود يتم من خلالها تطبيق مبدأ العدالة .
والجواب : أن لها نظاماً دقيقاً من حيث تحقيق إصداراها من خلال برامج ومعادلات ونظام حاسوبي دقيق يتم من خلاله تعدين تلك العملة وتخزينها في محفظة خاصة بها، لا يمكن التوصل له إلا عن طريق أرقام ورموز خاصة لمن يتعامل بهذه العملة .

٢ – هذه العملة ليس لها وجود مادي ، ولا ارتباط بمؤسسات مالية رسمية، ولا جهات مالية وسيطة ، ولا تخضع لسلطة راقابية ، فلا ضمان فيها ولا متابعة، مما يجعل هذه العملة عرضة للسقوط في أي لحظة بلا ضمان ولا متابعة .

والجواب : أن هذه العملة مستقلة عبر أنظمة وقوانين التزمت بها ، وكونها عرضة للتلف والهدر، فهي كسائر العملات الحديثة التي لا قيمة لها في ذاتها ، وإنما قيمتها في ثقة الناس بها لتكون وسيطاً في التعامل .
والظروف الطارئة لا عبرة بها، لأن العبرة بالمنظور لا بالمنتظر .

٣ – أن النشاط بها مبهم وغير معلوم، مما قد تتخذ في أنشطة غير مباحة شرعاً، كالمتاجرة في المخدرات والمسكرات .

والجواب عن ذلك : أن الأصل في الأفعال الصادرة من أهلها الصحة.- وقد سبقت في القواعد -.
وكون ذلك قد يحدث بهذه العملة، كذا يحدث بغيرها من العملات ، بل وبالذهب والفضة ولا يعني ذلك عدم جواز التعامل بهذه العملة .

٤ – أن التعامل بهذه العملة فيه شبه بالتعامل بالقمار ، من حيث المخاطرة ، حيث يبذل المتعامل بها نقوداً ولا يضمن بقاء قيمتها وثمنيتها .
والجواب : أن بقاء القيمة والثمن للعملات الاخرى ، يختلف في جميع العملات، بل في العملة الحقيقية يختلف عند تقديرها بغيرها من الذهب أو الفضة، فغيرها من العملات من باب أولى .

٥ – أن عملك البيتكوين فيها العديد من المخالفات القانونية ، من حيث التعامل مع جهات مشبوهة ، بدلاً من التعامل مع البنك المركزي مما يؤدي إلى المزيد من غسيل الأموال .
والجواب : أن ما يحصل بسبب تلك العملة من المخالفات يمكن أن يحصل بأي عملة تحصل ثقة الناس بها، وتروج بينهم كرواج عملة الذهب والفضة، وتكون وسيطاً معتبراً بين الناس بالتعامل وتقدير السلع، وما يحصل بسببها خارج عن ماهية اعتمادها بين الناس عملة .

٦ – أن عملة البيتكوين معرضة للقرصنة والسرقة والتلاعب في حسابات مستخدميها ، مما يعرض حساباتهم للخطر.
والجواب عن ذلك : أن هذه القرصنة والسرقة والتلاعب تتعرض لها البنوك المركزية التي تعتمد غير هذه العملة من العملات ، ومع ذلك لم يمنع التعامل بهذه العملات، فالظروف الطارئة التي غالب الأمر فيها السلامة لا تتأثر بالقليل والنادر والشاذ.
والقاعدة : العبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر .- وقد سبقت في القواعد –
وألقاعدة : الشاذ لا حكم له .
مع العلم أن جريان الربا في هذه العملة ، أقل من جريانه في غيره من العملات الغير افتراضية ؛
لأن القبض بين هذه العملة وعملة أخرى رقمية إلكترونية يتم فوراً ، وبدون غرفة محاصة، فيتم الاستلام والتسليم فوراً بلا غرفة مقاصة والتي تستغرق اليوم أو اليومين من بنك إلى بنك آخر غالباً.
فالتعامل بها وتحويلها يكون مباشراً بين المستخدمين بطريقة الند بالند دون الاعتماد على طرف وسيط.

٧ – إن هذه العملة وهمية لا قيمة لها .
والجواب : أن هذه العملة قيمتها بما تكون ثمناً له من سلع أو عملات أخرى، كسائر العملات التي لا رصيد لها ، وقيمتها بما تساوي في تلك اللحظة من عملات أو سلع ، كالدولار لا رصيد له واعتماده من حكومة أو جهة يكون بسببه مرغوب في امتلاكه لما يحققه لمالكه مما يرغب فيه بدفعه لغيره،.
فإن قيل عملة البيتكوين : ليس لها جهة تعتمدها.
فالجواب : اعتماده ، جاء من الوسط الاجتماعي الذي اعتمده ورغب في حيازته، وجعله وسيطاً في التعامل، واستبدل به ما أراد من عملات أو سلع، فالاعتماد للعملة كما يمكن أن يصدر من حكومات، يمكن أن يصدر من شعوب ترغب فيه ، وتتخذه وسيطاً في التعامل كغيره من العملات .
.
@ وبناء على ما سبق : فإذا تم استخدام هذه العملة البيتكوين كوسيط في التعامل بين الناس ، في تقدير السلع وتقييم المتلفات ، وراج بينهم رواجاً واسعاً ، كان له حكم سائر العملات .
فليس في الذهب والفضة معنى يمتازان به عن غيرهما في عصر النبوة سوى كونهما وسيطاً في التعامل، بهما تقدر السلع ، وتعرف قيم المتلفات ، فإذا وجد في غيرهما أخذ حكمهما كسائر أنواع العملات، وهذا المعنى كما أمكن تحققه في العملات غير الإلكترونية، يمكن تحققه في العملات الإلكترونية ، والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .