24 ربيع أولI, 1447
شفاعة المصالح – مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد 67 ربيع الآخر 1426هـ
الدكتور – سعود بن عبد الله الروقي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس على ما يرضي الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أحق أن يرضوه (1). وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا، وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم ومتعاطف، ونستغرب بل نستنكر ما يكدر صفوه، حينما نسمع بقسوة القلوب وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة (1). وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (2).
وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) (3). وروى البخاري عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه (4). وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلماً) (5). وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان (6).
فأين هؤلاء من هذا ؟! .
فيتعين بل يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة، سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة) (1). وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الخلق عيال الله (2) فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله) (3). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذ�