27 رمضان, 1446

*هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا*
( الإنسان : 1 )

*إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا*
( 2 )

*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا*
( 3 ) .

ذكر الله في هذه السورة الكريمة أول حالة الإنسان ومبتدأها ومتوسطها ومنتهاها .
فذكر أنه مر عليه دهر طويل وهو الذي قبل وجوده ، وهو معدوم بل ليس مذكورا .

ثم لما أراد الله تعالى خلقه ، خلق _أباه_ آدم من طين ، ثم جعل نسله متسلسلا
*مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ*
أي : ماء مهين مستقذر *نَبْتَلِيهِ*
بذلك لنعلم هل يرى حاله الأولى ويتفطن لها أم ينساها وتغره نفسه ؟

فأنشأه الله ، وخلق له القوى الباطنة والظاهرة ، كالسمع والبصر ، وسائر الأعضاء ، فأتمها له وجعلها سالمة يتمكن بها من تحصيل مقاصده .

ثم أرسل إليه الرسل ،
وأنزل عليه الكتب ،
وهداه الطريق الموصلة إلى الله ، ورغبه فيها ،
وأخبره بما له عند الوصول إلى الله .

ثم أخبره بالطريق الموصلة إلى الهلاك ، ورهبه منها ، وأخبره بما له إذا سلكها ، وابتلاه بذلك ، فانقسم الناس إلى شاكر لنعمة الله عليه ، قائم بما حمله الله من حقوقه ، وإلى كفور لنعمة الله عليه ، أنعم الله عليه بالنعم الدينية والدنيوية ، فرده ا، وكفر بربه ، وسلك الطريق الموصلة إلى الهلاك .

*إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالا وَسَعِيرًا*
( 4 )

إنا هيأنا وأرصدنا لمن كفر بالله ، وكذب رسله ، وتجرأ على المعاصي
*سَلاسِلَ*
في نار جهنم ،
كما قال تعالى :
*ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* .

*وَأَغْلالا*
تغل بها أيديهم إلى أعناقهم ويوثقون بها .
*وَسَعِيرًا*
أي : نارا تستعر بها أجسامهم وتحرق بها أبدانهم .
*كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ*
وهذا العذاب دائم لهم أبدا ، مخلدون فيه سرمدا .