4 ربيع أولI, 1447

      {في رحيل المفتي وذكر سيرة والدته سارة القباني}

إنا لله وإنا إليه راجعون. بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ننعى للأمة الإسلامية والمجتمع السعودي رحيل سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ – رحمه الله – الذي وافته المنية بعد مسيرة طويلة حافلة بالعلم والدعوة والإفتاء.

 

وفي هذا المقام لا بد أن نتوقف عند السيرة العطرة لوالدته الصالحة *سارة بنت إبراهيم الجهيمي القباني السهلي* – رحمها الله – التي كان لها الفضل الكبير بعد الله في تربية سماحته على طلب العلم منذ نعومة أظفاره، فقد تُوفي والده وهو ابن تسع سنوات، فنهضت بأعباء التربية ورعاية أبنائها.

 

وقد ذكر حفيدها الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ في كتابه ملح العلماء نماذج من حرصها على تنشئة ابنها عبدالعزيز؛ إذ كانت تبث فيه الطموح وتدعمه منذ صغره.

ذكر المؤلف أنه حين رآه عمه صغيرًا يصعد منبر الجامع الكبير ليلقي خطبة الأطفال ذهب به لأمه غاضباً وقال إن ابنك يلعب في المسجد، فقالت قولتها المشهورة: *“أسأل الله أن يحييك حتى تصلي خلفه في الجامع الكبير”*، وقد تحققت دعوتها، فصار المفتي إمامًا وخطيبًا يصلي الناس خلفه، ومنهم عمه رحمهم الله .

 

كما كانت حريصة على أخذه لمسجد الأمير ناصر في الرياض لأداء صلاة الفجر لسنوات طويلة وتنتظره حتى يفرغ من الصلاة وتعود به، مما يدل على عظيم عنايتها به.

وفي شبابه لما أصيب ببصره لم تدخر وسعًا في البحث عن علاج، حتى عرضت على الطبيب السويسري أن يُؤخذ عينها لتُزرع لإبنها، لكن الطبيب أكد لها استحالة ذلك.

 

رحلت والدته عام 1436هـ بعد أن بلغت المئة من عمرها، وقد عُرفت بالعبادة والحرص على الحج حيث حجّت أربعين حجة، وكانت تعتكف طوال شهر رمضان في مكة ولا تعود الا بعد ان تصلي العيد في الحرم .

 

لقد ودّعنا سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ – رحمه الله – غير أننا ونحن نذكر سيرته نستحضر أن وراء هذا الرجل العظيم أمًا فاضلة نذرت حياتها لتربيته، فغرسـت فيه الطموح، وربّته على الجد والاجتهاد، حتى خرج للأمة علمًا بارزًا وركنًا راسخًا في ميادين الفتوى والإصلاح.

 

وما ذلك إلا شاهد على عِظم دور الأم في صناعة الأجيال وبناء الرجال؛ فهي المدرسة الأولى، ومهندسة القيم، وصانعة الطموح. وإذا كان العلماء قناديل هداية، فإن الأمهات هنّ اليد الخفية التي تُشعل هذه القناديل وتبقيها مضيئة.

رحم الله الشيخ ووالدته، وجعل ما قدّماه في موازين حسناتهما، وأجزل لهما الأجر والثواب.

 

منقول للفائدة

#كلنا_دعاة