15 جمادي أول, 1447

اِتَّقِ المحارِمَ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَكْمَلَ لَنا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنا النِّعْمَةَ، وَجَعَلَ أُمَّتَنا خَيْرَ أُمَّةٍ، وَبَعَثَ فِيْنا رَسُولًا مِنَّا يَتْلُو عَلَيْنا آياتِهِ، وَيُزَكِّيْنا وَيُعَلِّمُنا الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْجَمَّةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، خَصَّهُ بِجَوامِعِ الْكَلِمِ، وَبَدَائِعِ الْحِكَمِ.

عِبادَ اللهِ. اِتَّقُوا اللهَ حَقِيقَةَ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 70-71.

وَاتَّقِ اللهَ فَتَقْوَى اللهِ ما

لَيْسَ مَنْ يَقْطَعُ طُرُقًا بَطَلًا

جَاوَرَتْ قَلْبَ امْرِئٍ إِلَّا وَصَلْ

إِنَّما مَنْ يَتَّقِ اللهَ بَطَلْ

وَبَعْدُ.. قالَ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا لِأَصْحابِهِ: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ، أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟» فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‌فَأَخَذَ ‌بِيَدِي ‌فَعَدَّ ‌خَمْسًا، وَقَالَ: «اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ»[أخرجه الترمذي، وحسنه الألباني]، وَلَنا مَعَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْعَظِيمَةِ وَقَفاتٌ، نَسْأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلا أَنْ يَنْفَعَنا وَإِيَّاكُمْ بِها؛ أَوَّلُها التَّشْوِيقُ فِي سُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ؟» وَهَذَا حِرْصٌ مِنَ الْمُرَبِّي الْمُشْفِقِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ، ثُمَّ يَأْتِي الْأُسْلُوبُ التَّرْبَوِيُّ الْعَظِيمُ ‌”فَأَخَذَ ‌بِيَدِي”؛ فَالْأَخْذُ بِالْيَدِ فِيهِ تَلَطُّفٌ مِنَ الدَّاعِيَةِ، وَتَأْثِيرٌ فِي الْمَدْعُو، وَيُلْحَظُ التَّرْغِيبُ فِي قَوْلِهِ: «خَمْسًا» فَفِي قِلَّةِ الْعَدَدِ إِغْراءٌ بِيُسْرِ الْعَمَلِ بِهَذِهِ النِّصِيحَةِ، فَطُولُ الْوَصِيَّةِ قَدْ يَكُونُ دافِعًا لِاستِثْقالِها وَعَدَمِ الْعَمَلِ بِها، وَنَبَّهَ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «فَيَعْمَلُ بِهِنَّ» إِلَى أَهَمِّيَّةِ الْعَمَلِ بَعْدَ الْعِلْمِ، ثُمَّ الرُّخْصَةُ وَتَوْسِيعُ مَجالِ الْخَيْرِ فِي قَوْلِهِ: «أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟» فَرُبَّ حامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ يَدْفَعُهُ ذَلِكَ إِلَى الِالْتِزامِ بِهِ، يَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ: “إِذَا رَأَيْتَ فِي نَفْسِكَ تَقْصِيرًا، فَانْصَحِ النَّاسَ لَعَلَّكَ تَرْعَوِيْ”، وَفِي حَرْفِ الْفاءِ الدَّالِّ عَلَى المبادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْراتِ فِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: “فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ” وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنافِسِ المتَنافِسُونَ، وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ الرَّائِعَةِ لِلْمُسابَقَةِ فِي عَمَلِ الْخَيرِ ما كانَ مِنْ أَمْرِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، سَأَلَ صلى الله عليه وسلم أَصْحابَهُ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ ‌الْيَوْمَ ‌صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»[أخرجه مسلم]، أَيُّها المسْلِمُونَ: بَدَأَ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِاجْتِنابِ المحارِمِ، «اِتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ»، فَجَعَلَ التَّقْوَى مِقْياسًا لِلْعُبُودِيَّةِ؛ قالَ تَعالَى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ ‌مَا ‌ظَهَرَ ‌مِنۡهَا ‌وَمَا ‌بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾[الأعراف: 33]، قالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: “إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلا جَمَعَ المحَرَّماتِ كُلَّهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ”. التَّقْوَى وَصِيَّةُ اللهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَوَصِيَّةُ رُسُلِ اللهِ جَمِيعِهِمْ لِأَقْوامِهِمْ، وَهِيَ جَوْهَرُ الْإِيمانِ وَالْعِبادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَخَيْرُ زادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْعَبْدُ، وَأَهْلُ التَّقْوَى هُمْ أَوْلِياءُ اللهِ عز وجل، فَالتَّقِيُّ يَسْعَى دائِمًا لِمَرْضاةِ رَبِّهِ فِي كُلِّ أُمُورِهِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّنا بِتَقْواكَ، وَلا تُذِلَّنا بِمَعْصِيَتِكَ. الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ»، وَرِضَى المؤْمِنِ يَكُونُ فِي كُلِّ أُمُورِهِ، المادِيَّةِ وَالمعْنَوِيَّةِ، يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ»[متفق عليه]، وَقالَ صلى الله عليه وسلم: «اُنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ» [صحيح الترمذي]، وَنَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم كانَ أَكْثَرَ الْخَلْقِ اِنْشِراحًا لِلْصَدْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ كانَ يُصِيبُهُ ضِيقُ الصَّدْرِ بِما عَلَيْهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وَمَا يَقُولُونَهُ، فَأَمْرُ المؤْمِنِ كُلُّهُ لَهُ خَيْرٌ؛ إِنْ أَصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ. الْوَصِيَّةُ الثَّالِثَةُ: «وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا» يتحقق الإيمان بالإحسان إلى الجار، وليس المحسن الواصل بالمكافئ؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» [متفق عليه]؛ وَالمحْسِنُ إِلَى جارِهِ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ حُقُوقَ الْجارِ، وَيُطِيعُ رَبَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهِ، وَقَدْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ، كانَتْ تُصَلِّي الْفَرائِضَ، وَتُكْثِرُ مِنَ النَّوافِلِ، لَكِنَّها تُؤْذِي جِيرانَها، وَدَخَلَتِ امْرَأَةٌ الْجَنَّةَ، كانَتْ تُصَلِّي الْفَرائِضَ، وَلا تُكْثِرُ مِنَ النَّوافِلِ، لَكِنَّها تُحْسِنُ إِلَى جِيرانِها، قالَ صلى الله عليه وسلم: «المسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ» [متفق عليه]

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.. وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.ه:

الْوَصِيَّةُ الرَّابِعَةُ: «وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا»؛ الْإِسْلامُ الْحَقِيقِيُّ أَنْ تُغَلِّبَ جانِبَ الْإِيثارِ عَلَى الْأَثَرَةِ، قالَ تَعالَى مادِحًا الْأَنْصارَ: ﴿‌وَيُؤۡثِرُونَ ‌عَلَىٰٓ ‌أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٌ﴾[الحشر: 9]، وَأَعْظَمُ مُؤَاخاةٍ عُرِفَتْ فِي التَّارِيخِ كانَتْ بَيْنَ المهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ؛ فَرابِطَةُ الْإِسْلامِ رابِطَةٌ مَتِينَةٌ وَدِرْعٌ حَصِينَةٌ، فَالمؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ؛ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَضَعْ نَفْسَكَ مَكانَ الْآخَرِينَ، وَأَحِبَّ لَهُمْ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُمْ ما تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا يَزِيدَ بْنَ أَسَدٍ، ‌أَتُحِبُّ ‌الْجَنَّةَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأَحِبَّ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ» [صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، صححه الذهبي]، وَهَذِهِ المشاعِرُ الْعَظِيمَةُ تُقَوِّيْ الرَّوابِطَ الِاجْتِماعِيَّةَ، وَصَدَقَ مَنْ قالَ:

أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الْإِنْسَانَ إِحْسَانُ

ثُمَّ خَتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْوَصايَا الْعَظِيمَةَ بِالْوَصِيَّةِ الْخامِسَةِ: «وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ»، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَثْرَةُ الضَّحِكِ وَالمبالَغُةُ فِيهِ، أَمَّا الْقَلِيلُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَقَدْ تُؤَدِّي كَثْرَةُ الضَّحِكِ إِلَى الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَنِسْيانِ الموْتِ وَالحِسابِ، فَلْيَحْذَرْ مَنِ امْتَلَأَتْ حَياتُهُ بِالنِّكاتِ وَالضَّحِكِ بِالْكَذِبِ، وَالِاسْتِخْفافِ بِخَلْقِ اللهِ، فَقَدْ يَفْسَدُ الْقَلْبُ، أَوْ يَمُوتُ، فَحَياةُ الْقَلْبِ إِنارَتُهُ بِحِبِّ اللهِ وَتَعْظيمِهِ وَخَوْفِهِ وَرَجائِهِ، وَمَوْتُ الْقَلْبِ خُلُوُّهُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، عَلَى خِلافِ التَّبَسُّمِ؛ يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحارِثِ رضي الله عنه: «ما رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ إِلَّا مُتَبسِّمًا» [حديث حسن، أخرجه أحمد وغيره]، وَقالَ صلى الله عليه وسلم: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» [أخرجه مسلم]، يَقُولُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه يَصِفُ لِقاءَهُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ في وَجْهِي» [أخرجه البخاري]، فَكانَ صلى الله عليه وسلم كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُمازِحُ أَصْحابَهُ، وَلَا يَقُولُ إِلَّا صِدْقًا، نَسْأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلا أَنْ يُوَفِّقَنا وَإِيَّاكُمْ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنْ يَمْنَعَ عَنَّا وَعَنْكُمْ كُلَّ شَرٍّ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ عز وجل: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عن الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلامَ وَالمسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمشْرِكِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى المرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمينَ.