9 جمادي أولI, 1446

احتضار القرى
تتفاقم وتنمو مشكلة الهجرة خلال نصف قرن لسكان القرى المتكاثرة، والمتناثرة على تضاريس الوطن إلى المدن الكبرى كالرياض وجدة؛ للبحث عن إيجاد فرص عمل خصوصًا أن مركز الثقل في تطور حركة التصنيع والتجارة التي توجد بهما.
وأصبحت هذه الظاهرة تخلق إشكالات من الإرباك الاقتصادي والاجتماعي والانفجار السكاني في هذه المدن مقابل الاحتضار في القرى، وتآكل وتصحر الأراضي الزراعية، وينتهي الكثير منهم إلى العيش تحت ظروف أسوأ من ظروف حياتهم القروية عائدًا ذلك لأسباب رئيسه أهمها البحث الشاق عن عمل أو السعي إلى متابعة الدراسة في التعليم العالي أو رفع مستوى المعيشة، وتحسين دخل أفضل بالإضافة لنقص المياه، وشح الأمطار الذى يعتبر من أهم العوامل الطبيعية للهجرة الجماعية كل هذه العوامل أدت إلى تضخم المدن، وأصبحت تُشكل عبئًا فعليًّا تصعب مواجهته من إمكانات تأمين الخدمات الصحية والتعليمية.
نتمنى أن تلقى هذه الظاهرة الاهتمام المناسب من الدراسة والمعالجة؛ فهناك قصور ليس في الحلول المطروحة، بل في القصور والتنفيذ لما يجب أن يكون عليه الحال، وبمعنى آخر هناك قصور في الأهداف فالخلل واضح في التنمية غير المتوازنة التي يرافقها تخلف القرى وحرمانه من مجموعة كبيرة من الخدمات المتوفرة في المدن.
وكما هو معلوم فإن هذا الخلل في التوزيع المشوه يعكس آثاره السلبية على النتيجة الشاملة اقتصاديًّا واجتماعيًّا فلابد العناية لتنمية القرى، وطرح الحل ملخصه قلب تجاه التنمية أو عكس مسارها للقرية أولًا، وأن تحقق خلق فرص عمل جديدة، ومتنوعة تمتص فائض البطالة المقنعة، وترفع من مستوى الدخول فيه من خلال الأنشطة الإنتاجية الجديدة التي تتوفر إلى جانب الزراعة.
كما ينبغي على الدولة اعتماد استراتيجية للتنمية لنمو المراكز القروية الحضارية في المناطق الزراعية، واعتماد مشاريع قائمة على كثافة العمل، وتوظيف الشباب العاطلين عن العمل، وتوفير فرص وظيفيه لهم بتوفير الحواجز؛ للتشجيع على إعادة توزيع الصناعات والأعمال والمشاريع التجارية الجديدة التي تُدِر دخلًا في المناطق.
لذلك فإن تنمية القوى وتحويله الى حواضر صغيرة؛ لتكون نواة لمدن مستقبلية يجعل نماذج حياة القرى متكاملة مع نماذج حياة المدن، وتخفيف الفروق القائمة ثقافيًّا وقيميًّا، وأن تسترد القرية روحها المتمثل في البساط الأخضر، والأشجار المثمرة، وتراتيل المزارعين، وزغردة الطيور المهاجرة، وأن تصبح بإمكاناتها وفعالياتها أحد الأسس الهامة في استراتيجية التنمية الاقتصادية، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، بل تتحدى ذلك وتتحمل المسؤولية الكبرى ألا وهي الأمن الغذائي؛ ولهذا لابد أن توجه الدولة اهتمامها إيمانًا بما تقدمه القرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؛ فهل يتحقق للجيل القادم فرصة الهجرة من المدينة إلى الريف.

فاصلة…
تحقيق التنمية المستدامة، وبناء الإنسان، وتحسين جودة الحياة في القرى تتحقق التنمية الاقتصادية للوطن