16 رمضان, 1446

أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الحادي_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٣
● الأول : السَّببُ ..

● أقسام السبب :

* ينقسمُ (السَّببُ) باعتبارِ من سبَّبه إلى قسمينِ :

١) ما جعلتْهُ الشَّريعةُ سببًا ابتداءً من غيرِ أن يكونَ للمكلَّفِ فعلٌ فيه ..
من أمثلتهِ :
– زوالُ الشَّمسِ لوجوبِ صلاةِ الظُّهر .. قال تعالى : {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ..
– دُخولُ الشَّهر لوُجوبِ صومِ رمضانَ .. قال تعالى : {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ..
– الاضطِرارُ لجوازِ أكلِ الميتَةِ .. قال تعالى : {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ..
– المرضُ لإباحةِ الفِطرِ .. قال تعالى : {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ..

٢) ما سببُهُ المكلَّفُ فرتَّبَتِ الشَّريعة الآثارَ على وجودِهِ ..
من أمثلتِهِ :
– السَّفرُ لإباحةِ الفِطرِ .. قال تعالى في الآية المتقدمة : {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ..
– الزِّنَا لإقامةِ الحدِّ .. قال تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ..
– الرِّدَّة لإباحةِ دَمِ المرتدِّ .. قال النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم -: ((من بدَّل دينَهُ فاقْتُلوهُ)) ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٤ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثاني_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٤
● الثاني : (الشَّرط) ..

* تعريف (الشرط) :
– لُغَةً : العلامَةُ ..
– اصطلاحًا : ماتوقَّفَ وجودُ الشَّيءِ على وجودِهِ، وليسَ هوَ جزْءًا من ذاتِ ذلكَ الشَّيءِ، بلْ هوَ خارجٌ عنهُ، كما لا يلزمُ من جودِهِ وُجودُ ما كانَ شرْطًا فيهِ ..

* من أمثلتِهِ :
– الوُضوءُ لصحَّةِ الصَّلاةِ .. قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} ..
وقال النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ((لايقبلُ الله صلاةً بغيرِ طُهورٍ)) ..

* فصحَّةُ الصَّلاةِ موقوفةٌ على وجودِ شرطِ الوُضوءِ، وليسَ الوُضوءُ جزءًا من نفسِ الصَّلاةِ، كما لا يلزمُ من وُجودِ الوضوء وجودُ الصَّلاةِ ..

* الفرق بين الشَّرط والرّكن :
– يشتركُ (الشَّرطُ) و (الُّركن) في : أنَّ كُلاًّ منهما يتوقَّفُ عليهِ وجودُ الشَّيءِ ..
(فالوضُوءُ) شرطٌ للصَّلاةِ، (والرُّكوعُ) رُكنٌ فيها، ولابُدَّ من وجودِ كلٍّ منهمَا لصحَّةِ الصَّلاة ..

* لكنْ يُلاحظُ الفرقُ بينهمَا في أنَّ :
– (الشَّرط)َ خارجٌ عن نفسِ الصَّلاةِ ليس جُزءًا منها ..
– و (الرُّكنَ) جزءٌ من نفسِ الصَّلاةِ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٤ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثالث_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٥
● الثاني : (الشَّرط) ..

● أقسام (الشرط) ..

* ينقسمُ (الشَّرطُ) باعتبارِ مُشترِطِهِ إلى قسمينِ :
١) شرطٌ شَرْعِيٌّ :
– وهوَ الَّذي جعلتْهُ الشَّريعةُ شرطًا، كَحَولِ الحوْلِ علَى المالِ الَّذي بلغَ النِّصابَ لإيجابِ الزَّكاةِ فيهِ ..

٢) شرطٌ جَعْلِيٌّ :
– وهو الَّذي يضعُهُ النَّاسُ باختيارِهم في تصرُّفَاتِهمْ ومُعاملاَتِهِمْ (لا في عبادَاتِهم)، كَالشُّرُوطِ الَّتِي يصطلحونَ عليها في عُقُودِهِمْ ..

* والفُقهاءُ مختلفُونَ في هذا النَّوعِ من الشُّروطِ في صحَّتهَا أو فسادِهَا، وما تدلُّ عليهِ الأدلَّةُ فيه التَّفصيلُ، وذلكَ بتقسيمِهِ إلى قِسمينِ :

١) شرْطٌ صحيح :
– وتُعرفُ صحَّتُهُ بأنْ لا يكونَ ورَدَ في الشَّرعِ ما يُبطِلُه ..
مثالُهُ : اشْترَاطُ البائعِ منفعةً معيَّنةً على المشتري في عقْدِ البَيعِ لا تُنافي مقصودَ البَيع ..
وكذلك كلُّ شرطٍ عُرفيٍّ في أيِّ عقدٍ ليس معارضًا لدليل في الشَّرعِ فهو شرطٌ صحيحٌ ..

٢) شرطٌ باطل :
– ويعرفُ بُطلانه بوُرود ما يُبطِلهُ في الشَّرعِ ..
ومثالهُ : قوله عليه الصلاة والسلام : ((ما بالُ رِجالٍ يشترطُونَ شروطًا ليستْ في كتابِ الله؟ ما كانَ من شرْطٍ ليس في كتابِ الله فهوَ باطلٌ وإن كانَ مائَة شرْطٍ، قضاءُ الله أحقُّ، وشرْطُ الله أوثقُ، وإنما الولاءُ لمنْ أعتقَ)) ..

* على هذا التقسيم، مذهبُ (الحنابلةِ) وغيرهِم من الفُقهاءِ، وهو المناسبُ لاعتبارِ المصالحِ والمفاسِدِ ..
* ومذهبُ (الحنفيَّةِ) قريبٌ منه، لكنَّهم قالوا :
هو ثلاثَةُ أقسامٍ :
– شرطٌ صحيحٌ ..
– وشرطٌ فاسدٌ ..
– وشرطٌ باطلٌ ..

* وفرَّقوا بين (الفاسِدِ) و (الباطلِ) ..
– بأنَّ (الفاسدَ) : ما كانَ فيه منفعةٌ لكنَّه معارضٌ لوصفِ الصَّحيحِ فيفسُدُ به العقدُ لذلكَ …
– أما (الباطلُ) : فليسَ ممَّا يصحُّ العقدُ به أو يفسدُ .. بلْ هو شيءٌ خارجٌ عن نفسِ العقدِ، فهوَ بمنزلَةِ اللَّغوِ لا يُؤثِّر ُعلى العقدِ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٤ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الرابع_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٦
● الثالث : (المانع) ..

* تعريف (المانع) ..
– لُغةً : من (المنع) ، وهوَ أن تحولَ بين الشَّخصينِ وبينَ الشَّيءِ فتجعلَ بينهما (مانعًا) ..
– واصطلاحًا : ما رتَّب الشَّرعُ على وجودِهِ العدَمَ ..

* وهو قسمان :
١) مانعٌ للحُكمِ ..
والمعنى : أن يقعَ فعلٌ من المكلَّف يستوجبُ حُكمًا شرعيًّا، بأن وُجدَ في ذلكَ الفعلِ تحقُّقُ الأسبابِ الموجِبةِ لذلكَ الحُكمِ .. فوضعَت الشَّريعَةُ (مانعًا) دونَ تنفيذِ ذلك الحُكْم ..
▪ مثالهُ :
قولهُ – صلى الله عليه وسلم -: (لا يُقتلُ والدٌ بولَدِهِ) ..
فهذا (مانعٌ) عند جمهورِ العلماءِ من إقامةِ القِصاص على الوالدِ إذا قتلَ ابنَه عمدًا ..
فمعَ استيفاءِ الوالدِ لشُروطِ القِصاص، فقدْ جعلتِ الشَّريعَةُ أبوَّته مانعةً من القصاصِ ..

٢) مانعٌ لسبب ..
والمعنى : أن تكونَ الشَّريعةُ قرَّرت حكمًا تكليفيًّا بناءً على وجودِ سببٍ اقتضى وجودُهُ وجودَ ذلك الحُكم، لكنْ عرضَ دُون إعمالِ ذلك السَّببِ (مانِعٌ) أسقطَ السَّببَ والحُكمَ ..
▪ مثالُهُ :
مكلَّفٌ ملكَ نصابَ الزَّكاةِ وحالَ الحولُ عليهِ عندَهُ .. لكنَّه جمع ذلكَ المالَ لدينٍ عليه ..
فظاهرُ الأمرِ وجوبُ تنفيذ حكمِ إخراجِ الزَّكاةِ لوجودِ السَّببِ المقتضي لذلكَ وهو ملكُ النِّصابِ ..
لكنْ عرض لذلكَ السَّببِ (مانعٌ) من الاعتبارِ فألغاهُ، وهوَ (الدَّين) ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الخامس_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٧
● الرابع : (الصحة والبطلان) ..

* المقصود بهما :
– أفعال المكلَّفين إذا استوفتْ شروطَها وانتفتْ موانِعُها ووقعتْ على أسبابهَا فقد حكمَ الشَّرعُ بأنَّها (صحيحةٌ) ..
– وإذا اختلَّ ذلك أو بعضُهُ فقد حكم َ الشَّرعُ بأنَّها (باطلةٌ) ..

* (الصَّحيحُ) هو : ما ترتَّبتْ عليه آثارُهُ الشَّرعيةُ، من :
– (براءةِ الذِّمةِ) و (سُقوطِ المطالبةِ) في العباداتِ ..
– (ونفاذِ العقدِ) في العقُودِ والتَّصرُّفاتِ ..

* فلاَ يُطالبُ المكلَّفُ بإيقاعِ نفسِ العبادةِ مرَّةً أخرى، ما دامَتْ قدْ حقَّقتْ وصفَ الصِّحَّةِ ..
كما أنَّ عقدَ البيعِ مثلاً حوَّل مِلكيَّةَ المبيعِ من البائعِ إلى المشتري بغيرِ ريبَةٍ ما كانَ العقدُ قدْ حقَّقَ وصفَ الصِّحَّة ..

* (الباطِلُ) هو : ما لا تترتَّبُ عليهِ الآثارُ الشَّرعيَّة ..
– فلا تبرأُ الذِّمةُ لمن صلَّى بغيرِ طُهورٍ مختارًا ..
– ولا يصحُّ طلاقُ من أُكرِهَ على الطَّلاقِ ..
لوجودِ مانع من صحَّةِ هذا التَّصرُّفِ ..

* لا فرقَ بين (الباطل) و (الفاسد) :
– (جمهورُالعلماء) على عدمِ التَّفريق بين وصفِ الشَّيءِ بأنه (باطلٌ) أو (فاسدٌ) ..
– (الحنفيَّةُ) وافقوهم على عدمِ التَّفريقِ بين الوصفينِ في (العباداتِ)، لكن خالفُوهم في (المعاملاتِ) ففرَّقوا بينهما، فقالوا :
١) الباطلُ : ما رجعَ الخللُ فيه إلى أركانِ العقدِ .. مثل :
(بيع المجنونِ) فإنَّ الشَّارعَ ألغى اعتبارَ عقُودِهِ وتصرُّفاتهِ، وأهليَّةُ العاقِدِ من أركانِ صحَّةِ البيعِ، فالبيعُ باطلٌ غيرُ نافِذٍ ..
٢) الفاسدُ : ما رجعَ الخللُ فيه إلى أوصافِ العقدِ لا إلى أركانِهِ، مثل :
(النِّكاح بغيرِ شُهودٍ) إذ الشُّهودُ فيه من أوصافِ العقدِ لا منْ أركانِهِ، فالعقدُ فاسدٌ لكن تترتَّبُ عليه آثارٌ شرعيَّةٌ، فيجبُ للمرأةِ المهرُ إذا دخل بها، كما تجبُ عليها العدَّةُ، ويُلحقُ الولدُ بهمَا ..

* وقولُ الجمهورِ أظهرُ في عدَمِ التَّفريقِ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_السادس_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٨
● الخامس : (العزيمة والرخصة) || ١

* تعريف العزيمة :
– العزيمةُ لغَة ً: الإرادَةُ المؤكَّدة ..
– وشرعًا : اسمٌ لما هوَ الأصلُ في المشروعاتِ غيرُ متعلِّقٍ بالعوارضِ ..
مثالهَا : الصَّلاةُ في أوقاتهَا هي الأصلُ، فهي (العزيمةُ) وإتمامُ الصَّلاةِ هو الأصلُ فيها، فهو (العزيمةُ) وحرمَةُ الميتةِ هي الأصل، فهي (العزيمة) ..

* تعريف الرخصة :
– الرُّخصةُ لغةً : اليُسرُ والسُّهولَةُ ..
– وشرعًا : اسمٌ لِما شُرعَ متعلِّقًا بالعوارضِ خارجًا في وصفِهِ عن أصلهِ بالعُذْرِ ..
مثالُها : جمعُ الصَّلاتينِ للعُذرِ كالسَّفرِ والمطرِ، وقصرُ الصَّلاةِ للمسافرِ، وإباحَةُ الميتةِ للمُضطَرِّ، أحكامٌ خارجَةٌ عن الأصلِ الَّذي هو العزيمَةُ، والمؤثِّرُ فيها العُذْرُ ..

* (فالعزيمَةُ) أصلُ الأحكامِ التَّكيفيَّة ..
* (والرُّخصَةُ) الخرُوجُ عن الأصلِ بِعُذرٍ ..
وعليه فالرُّخصةُ باقيةٌ ببقاءِ العُذرِ، منتفيةٌ بانتفائِهِ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_السابع_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ٩
● الخامس : (العزيمة والرخصة) || ٢
 
● أسباب الرخص ..

* الأسبابُ الَّتي ترجعُ إليها جميعُ الرُّخصِ الشَّرعيَّةِ سبعةٌ :
١- (ضعفُ الخلقِ) : سببٌ لإسقاطِ التَّكليفِ عن الصَّبيِّ والمجنونِ، وتخفيفِ التَّكليفِ في حقِّ النِّساءِ فلم تجبْ عليهنَّ جُمُعةٌ ولا جماعةٌ ولا جهادٌ ..

٢- (المرض)ُ : سببٌ للفطرِ في رمضانَ، والصَّلاةِ من قعُودٍ أوِ اضطِجاعٍ، وتناولِ الممنُوعِ للعلاجِ إن فقدَ سِواهُ ..

٣- (السَّفرُ) : سببٌ للفطرِ في رمضانَ، وقصرِ الصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ، وسُقوطِ الجُمُعةِ، والزِّيادَةِ في مُدَّةِ المسحِ على الخُفَّينِ ..

٤- (النِّسيانُ) : سببٌ لإسقاطِ الإثمِ والمؤاخَذةِ الأخرَويَّةِ، وصحَّةِ الصَّومِ لمن أكَلَ أو شرِبَ وهوَ كذلكَ ..

٥- (الجهلُ) : سببٌ لإسقاطِ المُؤاخذَةِ إذا لم يقعْ بتقْصيرٍ في التَّعلُّم، كما يكونُ سببًا لرَدِّ السِّلعةِ بعدَ شِرائِهَا لعيبٍ جهِلَهُ المشترِي وقتَ التَّبايُعِ، كما يكونُ سببًا للعُذْرِ في خَطإ الاجتهادِ، لأنَّ المجتهِدَ بنى على ظنِّ العلمِ ..

٦- (الإكراهُ) : سببٌ لإباحةِ الوُقوعِ في المحظُوراتِ دَفْعًا للأذَى الَّذي لا يُحتَمَلُ ..

٧- (عُمُومُ البلْوَى) : وهوَ في الأمْرِ الَّذِي يَعْسُرُ الانفِكَاكُ عنهُ، كالنَّجاسةِ الَّتي يشقُّ الاحتِرازُ عنهَا، كمنْ بهِ سلسُ بوْلٍ، واحتمالِ يسيرِ الغَبْنِ في البُيُوع، ونحوَ ذلكَ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثامن_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ١٠
● الخامس : (العزيمة والرخصة) || ٣

● أنواعُ الرُّخص ..

* الرُّخصُ الشَّرعيَّةُ تعودُ إلى أنواعٍ ثلاثةٍ :

١) إباحَةُ المحرَّم لعُذرِ الضَّرورةِ، وإليه ترجعُ قاعدَةُ : (الضَّرُوراتُ تُبيحُ المحظُوراتِ) ..
* مثالهَا :
– التَّلفُّظُ بكلمةِ الكُفرِ عندَ الإكراهِ، كما قال تعالى : {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} ..
– أكلُ الميتةِ والدَّمِ ولحمِ الخنزيرِ وشُربِ الخمرِ للمُضطرِّ، كما قال تعالى : {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ..

٢) إباحَةُ تركِ الواجبِ، وفيهِ قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((وإذا أمرْتُكُم بأمرٍ فَأْتُوا منهُ ما استَطعتُمْ)) ..
* مثالها :
– تركُ القيامِ في الصَّلاةِ للعاجزِ مع فرْضِهِ، لحديث : ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطِعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطِعْ فعلى جنبٍ)) ..
– الفِطرُ في رمضانَ للمسافرِ والمريضِ، قال تعالى : {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ..

٣) تصحيحُ بعضِ العُقودِ مع اختلالِ ما تصحُّبه رفعًا للحرجِ وتيسيرًا على النَّاسِ ..
* مثالها :
– الإذنُ في بيعِ السَّلمِ أو (السَّلف) ، أو (عقدِ الاستِصناعِ) مع أنَّ كلاًّ منهما بيع معدومٍ ليسَ موجودًا وقتَ التَّعاقُدِ،  كما قال النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ((منْ أسلفَ في شيءٍ ففي كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، على أجلٍ معلومٍ)) ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_التاسع_والعشرون ..
ه__________________________

● الأحكام الوضعية .. || ١١
● الخامس : (العزيمة والرخصة) || ٤

● درجات الأخذ بالرخص ..

* الأخذُ بالرُّخصِ الشَّرعيَّةِ يتفاوَتُ حكمُهُ (إباحَةً) و (نَدبًا) و (وجوبًا) فهو على أربعِ درجاتٍ :

١) التخييرُ بين الأخذِ بالرُّخصةِ وتركهَا ..
* مثالهُ : الفطرُ للمسافرِ عند استواءِ حالهِ بالصَّومِ والفطرِ ..
– فإنَّ له أن يُفطرَ أو يصومَ من غيرِ بأسٍ، كما قال حمزَةُ بنُ عمرٍو الأسلميُّ للنَّبيِّ “صلى الله عليه وسلم” أَأصُومُ في السَّفرِ؟ وكان كثيرَ الصَّومِ، فقالَ: ((إن شئتَ فصُمْ، وإنْ شئتَ فأفطِرْ)) ..

٢) تفضيلُ الأخذِ بالرُّخصةِ ..
* مثالهُ : قصرُ الصَّلاةِ في السَّفرِ ..
– فإنَّها رُخصةٌ جرى العملُ النَّبويُّ على الأخذِ بها في جميعِ الأسفارِ، حتَّى أنهُ لم يصحَّ أنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – أتمَّ صلاةً قطُّ في السَّفرِ، وهذه المُداومةُ دالَةٌ على تفصيل الأخذ بالرُّخصةِ ..
– هذا على مذهبِ جمهورِ العلماءِ في أنَّ قصرَ الصَّلاةِ في السَّفرِ سُنَّةٌ، خلافًا لمن ذهبَ إلى وجوبهَا ..

٣) تفضيل التَّرك للرُّخصةِ ..
* مثالهَا : احتمالُ الأذى في الله لمن أُكرهَ على أن يقولَ كلمَةَ الكُفرِ بلسانِهِ ..
– فإنْ أرادَ أن يأخذَ برُخصةِ الله لهُ فلهُ ذلكَ، وإن صبرَ وَاحتملَ ولو بلغَ الأمرُ إلى قتلِهِ فذلكَ أفضلُ .. وقد كَانَ هذا حالَ المُرسلينَ وكثيرٍ من أتباعهمْ ..

٤) وجوبُ الأخذِ بالرُّخصةِ ..
* مثالهُ : أكلُ المُضطرِّ للميتةِ دفعًا للهلكَةِ عن نفسهِ ..
– فإنَّ تحريم الميتةِ إنَّما كان لضررهَا على النَّفسِ، فحينَ كانتْ سببًا للحياةِ أُبيحتْ. والهلاكُ أعظمُ الضَّررِ بالنَّفسِ، فيُدفعُ الضَّررُ الأكبرُ بارتكابِ الضَّررِ الأدنَى ..
قال الله تعالى : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثلاثون ..
ه_____________________

● الأحكام الوضعية .. || ١٢
● الخامس : (العزيمة والرخصة) || ٥

● فرع ..

* ممَّا يتَّصلُ بـ (الحُكمِ الوَضْعِيِّ) مسمَّياتٌ شرعيَّةٌ (ثلاثَةٌ) هي أوصَافٌ للعبادَةِ باعتبارِ الوقتِ الَّذي تُؤَدَّى فيهِ، وهي :

١) الأَدَاءُ : وهوَ إيقاعُ العبادَةِ في وقتِهَا المعيَّنِ لها شرعًا ..
٢) القضاءُ : وهوَ إيقاعُ العبادَةِ خارجَ وقتِهَا الَّذِي عيَّنَهُ الشَّارعُ ..
٣) الإعادَةُ : وهي إيقاعُ العبادَةِ في وقتِهَا بعدَ تقَدُّمِ إيقاعِهَا على خللٍ في الإجزاءِ، كإنقاصِ رُكنٍ ..

* وجديرٌ بالتَّنبيهِ عليه ههُنَا أنَّ القضاءَ لم يرِدْ في نصوصِ الشَّرعِ إلاَّ في (إيقاعِ العبادَةِ بعدَ خُروجِ وقتهَا بعُذْرٍ) ..
– كالنَّومِ عن الصَّلاةِ، أو الصَّومِ للحائضِ أو النُّفسَاء ..
– أمَّا خُروجِ الوقتِ (بدونِ عُذْرٍ)، فلمْ يرِدْ فيهِ القضاءُ، بِخلافِ الَّذي عليهِ كثيرٌ من الفُقهاءِ ..

* ويتفرَّعُ عن هذا مسألةٌ مشهورَةٌ، وهي :
– قضاءُ الصَّلاةِ والصَّومِ ونحوهِمَا لمن تركَ أدَاءَ ذلكَ في وقتِهِ متعمِّدًا ..
– فهَذَا ليسَ لهُ رُخصَةٌ في القضاءِ، إنَّمَا سبيلُهُ التَّوبَةُ النَّصوحُ وأن يُكثِرَ من التَّطَوُّعِ ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الحادي_والثلاثون ..
ه_________________________

● العلم ..

* تعريفه ..
– العلم : إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، كإدراك أن الكل أكبر من الجزء، وأن النية شرط في العبادة ..

● فخرج بقولنا :

* «إدراك الشيء» ..
– عدم الإدراك بالكلية، ويسمّى «الجهل البسيط» ، مثل أن يُسأل : متى كانت غزوة بدر؟ فيقول : لا أدري ..
 * «على ما هو عليه» ..
– إدراكه على وجه يخالف ما هو عليه، ويسمّى «الجهل المركب» ، مثل أن يُسأل : متى كانت غزوة بدر؟ فيقول: في السنة الثالثة من الهجرة ..
* «إدراكاً جازماً» ..
– إدراك الشيء إدراكاً غير جازم، بحيث يحتمل عنده أن يكون على غير الوجه الذي أدركه، فلا يسمى ذلك علماً ..

* ثم إن ترجح عنده أحد الاحتمالين ..
– فالراجح (ظن) ، والمرجوح (وَهم) ، وإن تساوى الأمران فهو (شك) ..

● وبهذا تبيّن أن تعلق الإدراك بالأشياء كالآتي :
١ – (علم) وهو : إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً ..
٢ – (جهل بسيط) وهو : عدم الإدراك بالكلية ..
٣ – (جهل مركب) وهو : إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه ..
٤ – (ظن) وهو : إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح ..
٥ – (وهم) وهو : إدراك الشيء مع احتمال ضدٍّ راجح ..
٦ – (شك) وهو : إدراك الشيء مع احتمال ضدٍّ مساو ..

● أقسام العلم :

* ينقسم العلم إلى قسمين :
١ – (ضروري) وهو : ما يكون إدراك المعلوم فيه ضروريًّا، بحيث يضطر إليه من غير نظر ولا استدلال ..
– كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وأن النار حارة ..

٢ – (نظري) وهو : ما يحتاج إلى نظر واستدلال ..
– كالعلم بوجوب النية في الصلاة ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثاني_والثلاثون ..
ه_________________________

● الكلام .. || ١

* تعريفه ..
– الكلام لغة : اللفظ الموضوع لمعنى ..
– واصطلاحاً : اللفظ المفيد، مثل : (الله ربنا ومحمد نبينا) ..

* أقل ما يتألف منه الكلام ..
– اسمان، مثل : ( محمد رسول الله) ..
– أو فعل واسم، مثل : ( استقام محمد) ..

* واحد الكلام، (كلمة) وهي : اللفظ الموضوع لمعنى مفرد ..
* وهي إما : (اسم) أو (فعل) أو (حرف) ..

١) فالاسم : ما دل على معنى في نفسه من غير إشعار بزمن ..
* وهو ثلاثة أنواع :
– الأول : ما يفيد العموم، كالأسماء الموصولة ..
– الثاني : ما يفيد الإطلاق، كالنكرة في سياق الإثبات ..
– الثالث : ما يفيد الخصوص، كالأعلام ..

٢) والفعل : ما دل على معنى في نفسه، وأشعر بهيئته بأحد الأزمنة الثلاثة ..
* وهو إما .. (ماض)ٍ كـ «فَهِمَ» ، أو (مضارع) كـ «يَفْهَمُ» ، أو (أمر) كَـ «اِفْهَمْ» ..
– والفعل بأقسامه يفيد الإطلاق فلا عموم له ..

٣) والحرف : ما دل على معنى في غيره، ومنه :
– (الواو) : وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم، ولا تقتضي الترتيب، ولا تنافيه إلا بدليل ..
– (الفاء) : وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم مع الترتيب والتعقيب، وتأتي سببية فتفيد التعليل ..
– (اللام) الجارّة : ولها معانٍ منها : التعليل والتمليك والإباحة ..
– (على) الجارّة : ولها معانٍ منها : الوجوب ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثالث_والثلاثون ..
ه_________________________

● الكلام .. || ٢

● أقسام الكلام ..

* ينقسم الكلام باعتبار إمكان وصفه بالصدق وعدمه إلى قسمين :
– خبر ..
– إنشاء ..

١) فالخبر : ما يمكن أن يوصف بالصدق أو الكذب لذاته ..

* فخرج بقولنا :
«ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب» ..
– الإنشاء، لأنه لا يمكن فيه ذلك، فإن مدلوله ليس مخبراً عنه حتى يمكن أن يقال :  إنه صدق أو كذب ..
«لذاته» ..
– الخبر الذي لا يحتمل الصدق، أو لا يحتمل الكذب باعتبار المخبر به ..

* وذلك أن الخبر من حيث (المخبر به) ثلاثة أقسام :
– الأول : ما لا يمكن وصفه بالكذب، كخبر الله ورسوله الثابت عنه ..
– الثاني : ما لا يمكن وصفه بالصدق، كالخبر عن المستحيل شرعاً أو عقلاً ..
– الثالث : ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب إما على السواء، أو مع رجحان أحدهما، كإخبار شخص عن قدوم غائب ونحوه ..

٢) الإنشاء : ما لا يمكن أن يوصف بالصدق والكذب ..
– ومنه الأمر والنهي، كقوله تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} ..

* وقد يكون الكلام خبراً إنشاء باعتبارين، كصيغ العقود اللفظية مثل : (بعت) و (قبلت) ..
– فإنها باعتبار دلالتها على ما في نفس العاقد (خبر) وباعتبار ترتب العقد عليها (إنشاء) ..

* وقد يأتي الكلام بصورة (الخبر) والمراد به (الإنشاء) وبالعكس لفائدة ..
– مثال الأول : قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ..
فقوله : يتربصن بصورة الخبر والمراد بها الأمر ..
وفائدة ذلك : تأكيد فعل المأمور به، حتى كأنه أمر واقع، يتحدث عنه كصفة من صفات المأمور ..

– ومثال العكس : قوله تعالى : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ..
فقوله : «ولنحمل» بصورة الأمر والمراد بها الخبر، أي : ونحن نحمل ..
وفائدة ذلك : تنزيل الشيء المخبر عنه منزلة المفروض الملزم به ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الرابع_والثلاثون ..
_________________________

● الكلام .. || ٣

● الحقيقة والمجاز .. || ١

* ينقسم الكلام من حيث الاستعمال إلى :
– حقيقةٍ ..
– مجازٍ ..

١) فالحقيقة هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له، مثل : (أسد) للحيوان المفترس ..

* فخرج بقولنا :
– «المستعمل» : المهمل، فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً ..
– «فيما وضع له» : المجاز ..

* تنقسم (الحقيقة) إلى ثلاثة أقسام :
– (لغوية) و (شرعية) و (عرفية) ..

١) فاللغوية هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة ..
– مثال ذلك : (الصلاة)، فإن حقيقتها اللغوية الدعاء، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة ..

٢) والشرعية هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع ..
– مثال ذلك : (الصلاة) فإن حقيقتها الشرعية، الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك ..

٣) العرفية هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف ..
– مثال ذلك : (الدابة)، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف ..

* وفائدة معرفة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام :
أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله ..
– فيحمل في استعمال أهل اللغة على (الحقيقة اللغوية) ..
– وفي استعمال الشرع على (الحقيقة الشرعية) ..
– وفي استعمال أهل العرف على (الحقيقة العرفية) ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الخامس_والثلاثون ..
ه_________________________

● الكلام .. || ٤

● الحقيقة والمجاز .. || ٢

٢) الثاني (المجاز) ..
– هو : اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مثل : (أسد) للرجل الشجاع ..

* ولا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة ..
– وهو ما يسمى في علم البيان (بالقرينة) ..

* ويشترط لصحة استعمال اللفظ في مجازه :
– وجود ارتباط بين المعنى الحقيقي والمجازي، ليصح التعبير به عنه ..
– وهو ما يسمى في علم البيان (بالعلاقة) ..

* و(العلاقة) إما أن تكون المشابهة أو غيرها ..

* فإن كانت (المشابهة) ..
– سمي التجوز «استعارة»، كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع ..

* وإن كانت (غير المشابهة) ..
– سمي التجوز ، «مجازاً مرسلاً» إن كان التجوز في الكلمات، كأن تقول : (رعينا المطر) فكلمة «المطر» مجاز عن العشب، فالتجوز بالكلمة ..
– و«مجازاً عقليًّا» إن كان التجوز في الإسناد، كأن تقول : (أنبت المطر العشب) فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز؛ لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى فالتجوز في الإسناد ..

* وللمجاز أنواع كثيرة مذكورة في علم البيان ..
وإنما ذكر طرف من (الحقيقة) و (المجاز) في أصول الفقه ؛ لأن دلالة الألفاظ إما حقيقة وإما مجاز، فاحتيج إلى معرفة كل منهما وحكمه ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_السادس_والثلاثون ..
_________________________

● الأمر . || ٢

* قد يخرج الأمر عن الوجوب والفورية لدليل يقتضي ذلك ..
– فيخرج عن الوجوب إلى معان منها :

١ – (الندب) .. كقوله تعالى : {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} ..
– فالأمر بالإشهاد على التبايع للندب بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم اشترى فرساً من أعرابي ولم يشهد ..

 ٢ – (الإباحة) ..
– وأكثر ما يقع ذلك إذا ورد بعد الحظر، أو جواباً لما يتوهم أنه محظور ..
* مثاله بعد الحظر : قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ..
– فالأمر بالاصطياد للإباحة لوقوعه بعد الحظر المستفاد من قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ..

* ومثاله جواباً لما يتوهم أنه محظور : قوله صلّى الله عليه وسلّم: «افعل ولا حرج» ..
– في جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض ..

٣ – (التهديد) .. كقوله تعالى : {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ..
– فذكر الوعيد بعد الأمر المذكور دليل على أنه للتهديد ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_السابع_والثلاثون ..
ه_________________________

● الأمر . || ٣

* ويخرج الأمر عن الفورية إلى التراخي .. مثاله :
– قضاء رمضان فإنه مأمور به، لكن دلَّ الدليل على أنه للتراخي ..
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، وذلك لمكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ..
– ولو كان التأخير محرماً ما أقِرّت عليه عائشة رضي الله عنها ..

● ما لا يتم المأمور إلا به ..

* إذا توقف فعل المأمور به على شيء كان ذلك الشيء مأموراً به ..
– فإن كان المأمور به (واجباً) كان ذلك الشيء (واجباً) ..
مثاله : ستر العورة فإذا توقف على شراء ثوب كان ذلك الشراء (واجباً) ..

– وإن كان المأمور به (مندوباً) كان ذلك الشيء (مندوباً) ..
مثاله : التطيب للجمعة، فإذا توقف على شراء طيب كان ذلك الشراء (مندوباً) ..

* وهذه القاعدة في ضمن قاعدة أعم منها وهي :
الوسائل لها أحكام المقاصد .. فوسائل المأمورات مأمور بها، ووسائل المنهيات منهي عنها ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الثامن_والثلاثون ..
ه_________________________

● النَّهْي .. || ١

* تعريفه ..
– النهي : قول يتضمن طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة هي (المضارع المقرون بلا الناهية) ..
مثل قوله تعالى : {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} ..

* فخرج بقولنا :
– «قول» : (الإشارة) فلا تسمى نهياً وإن أفادت معناه ..
– «طلب الكف» : (الأمر) لأنه طلب فعل ..
– «على وجه الاستعلاء» : (الالتماس والدعاء) وغيرهما مما يستفاد من النهي بالقرائن ..
– «بصيغة مخصوصة هي المضارع إلخ» : (ما دل على طلب الكف بصيغة الأمر) مثل : دع، اترك، كف، ونحوها، فإن هذه وإن تضمنت طلب الكف لكنها بصيغة الأمر فتكون أمراً لا نهياً ..

* وقد يستفاد طلب الكف بغير صيغة النهي، مثل :
أن يوصف الفعل (بالتحريم) أو (الحظر) أو (القبح) أو (يذم فاعله) أو (يرتب على فعله عقاب) أو نحو ذلك ..

* ما تقتضيه صيغة النهي :
– صيغة النهي عند الإطلاق تقتضي (تحريم المنهي عنه وفساده) ..

* فمن الأدلة على أنها تقتضي (التحريم) ..
قوله تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
– فالأمر بالانتهاء عما نهى عنه، يقتضي وجوب الانتهاء، ومِنْ لَازِمِ ذلك تحريم الفعل ..

* ومن الأدلة على أنه يقتضي (الفساد) ..
قوله صلّى الله عليه وسلّم : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي : مردود ..
– وما نهى عنه؛ فليس عليه أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيكون مردوداً ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_التاسع_والثلاثون ..
_________________________

● النَّهْي .. || ٢

 * قاعدة المذهب في (المنهي عنه) هل يكون (باطلاً) أو (صحيحاً مع التحريم) ..؟ كما يلي :

١) أن يكون النهي عائداً إلى (ذات المنهي عنه أو شرطه) فيكون (باطلاً) ..

– مثال العائد إلى (ذات المنهي عنه) في (العبادة) : النهي عن صوم يوم العيدين ..
– مثال العائد إلى (ذات المنهي عنه) في (المعاملة) : النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة ..
– مثال العائد إلى (شرطه) في (العبادة) : النهي عن لبس الرجل ثوب الحرير، فستر العورة شرط لصحة الصلاة، فإذا سترها بثوب منهي عنه، لم تصح الصلاة لعود النهي إلى شرطها ..
– مثال العائد إلى (شرطه) في (المعاملة) : النهي عن بيع الحمل، فالعلم بالمبيع شرط لصحة البيع، فإذا باع الحمل لم يصح البيع لعود النهي إلى شرطه ..

٢) أن يكون النهي عائداً إلى (أمر خارج لا يتعلق بذات المنهي عنه ولا شرطه) فلا يكون باطلاً ..
 
– مثال النهي العائد إلى أمر خارج في (العبادة) : النهي عن لبس الرجل عمامة الحرير، فلو صلى وعليه عمامة حرير، لم تبطل صلاته؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات الصلاة ولا شرطها ..
– مثال العائد إلى أمر خارج في (المعاملة) : النهي عن الغش، فلو باع شيئاً مع الغش لم يبطل البيع؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات البيع ولا شرطه ..

* قد يخرج (النهي) عن التحريم إلى معانٍ أخرى لدليل يقتضي ذلك، فمنها :

١) الكراهة ..
– ومثلوا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم : «لا يمسنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول» ..
فقد قال الجمهور : إن النهي هنا (للكراهة) لأن الذكر بضعة من الإنسان، والحكمة من النهي تنزيه اليمين ..

٢) الإرشاد ..
– مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ : «لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» ..
[٢١/‏٣ ٤:٥٥ ص] أصول الفقه: #أصول_الفقه ..
#الدرس_الأربعون ..
_____________________

● النَّهْي .. || ٣
● من يدخل في الخطاب بالأمر والنهي ..

* الذي يدخل في الخطاب بالأمر والنهي هو : (المكلف)، وهو (البالغ العاقل) ..

* فخرج بقولنا :
– «البالغ» : (الصغير) فلا يكلف بالأمر والنهي تكليفاً مساوياً لتكليف البالغ، ولكنه يؤمر بالعبادات بعد التمييز تمريناً له على الطاعة، ويمنع من المعاصي؛ ليعتاد الكف عنها ..
– «العاقل» : (المجنون) فلا يكلف بالأمر والنهي، ولكنه يمنع مما يكون فيه تعد على غيره أو إفساد، ولو فعل المأمور به لم يصح منه الفعل لعدم قصد الامتثال منه ..

* ولا يرد على هذا إيجاب الزكاة والحقوق المالية في مال الصغير والمجنون ..
– لأن إيجاب هذه مربوط بأسباب معينة متى وجدت ثبت الحكم فهي منظور فيها إلى (السبب) لا إلى الفاعل ..!

* والتكليف بالأمر والنهي شامل للمسلمين والكفار ..
– لكن الكافر لا يصح منه فعل المأمور به حال كفره، ولا يؤمر بقضائه إذا أسلم، وإنما يعاقب على تركه إذا مات على الكفر ..

* موانع التكليف : (الجهل) و (النسيان) و (الإكراه) ..

١) فالجهل : (عدم العلم) ..
– فمتى فعل المكلف محرماً جاهلاً بتحريمه فلا شيء عليه، ومتى ترك واجباً جاهلاً بوجوبه لم يلزمه قضاؤه إذا كان قد فات وقته ..
٢) النسيان : (ذهول القلب عن شيء معلوم) ..
– فمتى فعل محرماً ناسياً فلا شيء عليه، ومتى ترك واجباً ناسياً فلا شيء عليه حال نسيانه، ولكن عليه فعله إذا ذكره ..
٣) والإكراه : (إلزام الشخص بما لا يريد) ..
– فمن أكره على شيء محرم فلا شيء عليه، ومن أكره على ترك واجب فلا شيء عليه حال الإكراه، وعليه قضاؤه إذا زال ..

* وتلك الموانع إنما هي في حق الله؛ لأنه مبني على العفو والرحمة ..
– أما في حقوق المخلوقين فلا تمنع من ضمان ما يجب ضمانه، إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطه ..