27 رمضان, 1446

*بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*
تفسير سورة الناس

*قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ( 1 ) مَلِكِ النَّاسِ ( 2 ) إِلَهِ النَّاسِ ( 3 ) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ( 4 ) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ( 5 ) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( 6 )* .

هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم ، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها ،
الذي من فتنته وشره ،
أنه يوسوس في صدور الناس ، فيُحسن لهم الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله ، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه ، ويريهم إياه في صورة غير صورته ،
وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي :
يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه .

فينبغي له أن يستعين و يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم .

وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة هو آخذ بناصيتها .

وبألوهيته التي خلقهم لأجلها ، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال :
*مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ*

*الحمد لله رب العالمين*

ونسأله تعالى أن يتم نعمته ، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت بيننا وبين كثير من بركاته ، وخطايا ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته .
ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا ، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ،
ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون .

وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
تم تفسير كتاب الله بعونه وحسن توفيقه ، على يد جامعه وكاتبه :
عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله المعروف بابن السعدي ، غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين .