وأجمل ما قيل في معناه ما نقله المرداوي عن الشيخ تقي الدين رحمهما الله قوله: “معناه في اللغة: الجمع والضم على أتم الوجوه، فإن كان اجتماعاً بالأبدان فهو الإيلاج الذي ليس بعده غاية في اجتماع البدنين، وإن كان اجتماعاً بالعقود فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم، ولهذا يقال : استنكحه المذي إذا لازمه وداومه”(6).
أولا: تعريف النكاح في الاصطلاح: اختلفت أقوال الفقهاء في حقيقة النكاح شرعاً، ولعل من أبرز ما قيل في حقيقته ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه حقيقة(7) في عقد التزويج دون الوطء، وهو الراجح من مذهب الشافعية والحنابلة وهو قول عند المالكية(8). جاء في نهاية المحتاج: بأن النكاح حقيقة في العقد مجاز(9) في الوطء، ولاستحالة أن يكون حقيقة فيه لصحة نفيه عنه(10).
وجاء في الإنصاف : أن النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح(11).
القول الثاني : إنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وهو المذهب عند الحنفية(12).
جاء في البناية : بأن النكاح حقيقة في الوطء، مجاز في العقد(13).
القول الثالث : إنه حقيقة في كل من الوطء والعقد. ومعنى ذلك أنه لفظ مشترك يحتمل المعنيين، ويتوصل إلى المقصود من هذا اللفظ بالقرينة، وهو قول لبعض الحنابلة(14)، ووجه عند الشافعية(15).
يقول الحافظ في الفتح: “وهذا الذي يترجح في نظري وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد”(16) أي القول بالاشتراك اللفظي.
وخلاصة القول في التعريف الاصطلاحي للنكاح: أن النكاح إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى التزويج، أما حقيقة النكاح في اللغة والشرع، وهل النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء؟، أم العكس؟، وهل حقيقة فيهما معاً على الاشتراك أم غير ذلك؟ فالمسألة خلافية فيها أقوال كما مضى.
والذي يترجح أن النكاح هو عقد الزوجية الصحيح، وإن لم يحصل وطء أو خلوة، وهذا الضابط الذي سرت عليه في تخريج تحرير محل النزاع في مسألة حكم إنكاح القاصرات، كما سيأتي ذكره(17).
المطلب الثاني: مفهوم القاصرات دلالته ومعانيه
أولا: تعريف القاصرات في اللغة:
المتتبع لكلمة (قاصرة) في كتب اللغة، يجد أن أغلب اللغويين يذكرها تحت مادة (قصر)، التي تعني هي مصدر قصرت له من قيده أقصر قصراً. وقصر الشيء، بالضم، يقصر قصراً: خلاف طال؛ وقصرت من الصلاة أقصر قصراً. والقصير: خلاف الطويل، ويستشهدون بقوله تعالى: ]حور مقصورات في الخيام[ [الرحمن:72]، أي محبوسات في خيام من الدر مخدرات على أزواجهن في الجنات؛ وامرأة مقصورة أي