27 رمضان, 1446
*إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ*
( التكوير : 1)
أي : إذا حصلت هذه الأمور الهائلة ، تميز الخلق ، وعلم كل أحد ما قدمه لآخرته ،
وما أحضره فيها من خير وشر ، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس
أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار .
*وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ*
( 2 )
أي : تغيرت ، وتساقطت من أفلاكها .
*وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ*
( 3 )
أي : صارت كثيبا مهيلا ، ثم صارت كالعهن المنفوش ، ثم تغيرت وصارت هباء منبثا ، وسيرت عن أماكنها .
*وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ*
( 4 )
أي : عطل الناس حينئذ نفائس أموالهم التي كانوا يهتمون لها ويراعونها في جميع الأوقات ، فجاءهم ما يذهلهم عنها ، فنبه بالعشار ، وهي النوق التي تتبعها أولادها ، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك عندهم ، على ما هو في معناها من كل نفيس .
*وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ*
( 5 )
أي : جمعت ليوم القيامة ، ليقتص الله من بعضها لبعض ، ويرى العباد كمال عدله ، حتى إنه ليقتص من القرناء للجماء ثم يقول لها : كوني ترابا .
*وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ*
( 6 )
أي : أوقدت فصارت _على عظمها_ نارا تتوقد .
*وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ*
( 7 )
أي : قرن كل صاحب عمل مع نظيره ، فجمع الأبرار مع الأبرار ، والفجار مع الفجار ، وزوج المؤمنون بالحور العين ، والكافرون بالشياطين ، وهذا كقوله تعالى :
*وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا*
*وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا*
*احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ*.
*وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ*
( 8 )
وهو الذي كانت الجاهلية الجهلاء تفعله من دفن البنات وهن أحياء من غير سبب ، إلا خشية الفقر .
*بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ*
( 9 )
فتسأل :
*بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ*
ومن المعلوم أنها ليس لها ذنب ، ففي هذا توبيخ وتقريع لقاتليها .
*وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ*
( 10 )
*وَإِذَا الصُّحُفُ*
المشتملة على ما عمله العاملون من خير وشر .
*نُشِرَتْ*
فرقت على أهلها ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله ، أو من وراء ظهره .
*وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ*
( 11)
أي : أزيلت .
كما قال تعالى :
*يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ*
*يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ*
*وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ*
*وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ*
( 12 )
أي : أوقد عليها فاستعرت ، والتهبت التهابا لم يكن لها قبل ذلك .
*وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ*
(13)
أي : قربت للمتقين .
*عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ*
( 14)
*عَلِمَتْ نَفْسٌ*
أي : كل نفس ، لإتيانها في سياق الشرط .
*مَا أَحْضَرَتْ*
أي : ما حضر لديها من الأعمال [التي قدمتها]
كما قال تعالى :
*وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا*
وهذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم القيامة ، من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب ، وتشتد من أجلها الكروب ، وترتعد الفرائص وتعم المخاوف ، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم ، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم ، ولهذا قال بعض السلف :
من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين ، فليتدبر سورة ..
*{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }* .